لطالما كانت إهداءات الكتب نافذةً صغيرة تُطلّ منها روح الكاتب على القارئ، لحظة صدق خاصة لا تمر عبر قنوات النشر، ولا تصطدم بمعايير السوق. ومع ذلك، تُعامل هذه المساحة غالبًا بشيء من الإهمال أو الاستعجال، حتى باتت في كثير من الأحيان مجرد كلمات مكرورة، (...)
بعد طول تأمل في أسرار العدد سبعة والنظر في خصائص اللغة العربية ورمزيتها ودقة الإيحاءات العددية، وتقاطع الألفاظ مع المعاني وتشابكها مع المعمار النصي. وفي قلب هذه المنظومة تطلّ واو الثمانية إشارة لغوية تحتاج تأملًا وإعمالًا فكريًّا. فهل بينهما صلة؟ (...)
الثقافة ليست مهنة، ليست صوراً، وليست ادعاءات وشعارات، وأيضًا هي لا تكمن في الكم الأكبر من الشهادات، أو تعددية الحوارات، أو الظهور الإعلامي، الثقافة سلوك ومعرفة وشغف، الثقافة محاولات حقيقية لسد الفجوة، وإضاءة الطرقات، ورفع مستوى الوعي في المجتمعات. (...)
يعد التكيف أمراً مهماً ومفصلياً في علم الأنثروبولوجيا، لأنه يهدف إلى الموازنة والتكامل مع سلوكيات المجتمعات البشرية ومعتقداتها وقيمها وبنيتها الاجتماعية، وهو يساهم في خلق بيئة معتدلة وصحية، ولكن محاولة تغيير العالم أو إصلاحه أو السعي لإدارته تبعًا (...)
في معاجم اللغة، يُشتق «الأمل» من الجذر (أمَلَ)، ويعني: الترقب والانتظار، مصحوبًا برجاءٍ في تحقق شيء مرغوب. وقد فرّق اللغويون بين الأمل والتمني؛ فالتمني قد يكون مجرد خيال لا يستند إلى سبب، أما الأمل، فغالبًا ما يقوم على سببٍ يُرتجى معه حصول المأمول. (...)
في عمق البنية العربية، تتشكل الكلمات بما يشبه الموجات التي تتسع وتنكمش بحسب المعنى. واحدة من أبرز هذه الصيغ هي «فَعَلان»، التي تأتي محمّلة بالحركة، مُشبّعة بالانفعال، وثرية بالإيحاء.
حين نقول: غضبان، عطشان، ولهان، سكران، فإننا نرسم صورة لشعور طاغٍ، (...)
قرأتُ عبارة «الوجع الجميل» في إحدى ملصقات مواقع التواصل الاجتماعي، فثارت في نفسي جملة من التساؤلات: كيف يكون الوجع جميلاً؟ وهل حقاً يُوجد وجعٌ جميل؟! ومنذ متى كان التوجع جميلاً؟ بعد استحضار المواقف والتأمل فيها ذهبت إلى أن هناك لحظات في حياتنا لا (...)
سؤالٌ دقيقٌ ومهم، قد أثار هذا الاستعمال جدلًا قديمًا بين اللغويين والمعاصرين، في ميدان اللغة الفصحى الرسمية مقابل اللغة المتداولة المعاصرة.
ولحسم المسألة لابد من النظر في جذور المفردات، فالأصل اللغوي ل (التواجُد): مأخوذ من الوجد، وهو الحزن أو الحب (...)
سألتني إحدى طالباتي هل هناك فرق بين الإحساس والمعنى في الشعر؟ مما دفعني للبحث وكتابة هذا المقال، وأرجو أن أوفق فيه للصواب.
يُعدّ الشعر أحد أرقى أشكال التعبير الإنساني، لا لأنه ينقل معنى فحسب، بل لأنه يحمل إحساسًا ينبض بين حروفه. وهنا يبرز سؤال عميق: (...)
يُعتبر الروائي الإنجليزي تشارلز ديكنز من أهم كُتَّاب العصر الفيكتوري وأكثرهم تأثيرًا وذلك لجودة أسلوبه، وبراعته الأدبية، كما أنه يُعد من أحد أشهر الشخصيات الأدبية العالمية، وهو أحد الرموز الثقافية التاريخية، انتشرت كتبه في جميع أنحاء العالم، ولاقت (...)
انتهى موسم الحج هذا العام ليكون شاهدًا على عظمة هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، ومثالًا يُحتذى به في التنظيم والإبداع، حيث وقفت المملكة كعادتها بكل طاقاتها وإمكاناتها، تُسخّر كل ما تملك لخدمة حجاج بيت الله، إيمانًا منها وإيقاناً بأن خدمة الحجاج (...)
عندما تذكر القيادة الناجحة التي تجمع بين الحزم والرحمة، وبين التخطيط والرؤية، يبرز سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كقائدٍ فذٍّ استطاع أن يمزج بين أصالة النسب ونبل القيم، وبين الطموح الواقعي والعمل الدؤوب، فهو ابنُ الملك (...)
يعد كرم الضيافة وحسن الاستقبال وأناقة الحوار جزءًا مهمًا وأساسيًا في ثقافة المملكة العربية السعودية، فهي ليست عادات دخيلة أو مكتسبة، وإنما هي عادات أصيلة تسربت منذ أجيال وعقود، وسكنت الأفعال والعقول والعاطفة، بل قد نقول إنها نمط حياة، وأسلوب معيشي (...)
يحتدم الجدل بين اللغويين حول استخدام الفعل «يُساهم»، حيث يتعنت بعضهم في منع استعماله للدلالة على المشاركة أو الإسهام الإيجابي، ويقصرونه على معنى «المقارنة والمقارعة»، مستدلين بأصول الفعل في المعاجم القديمة، والتي تُشير إلى المساهمة بمعنى المساهمة في (...)
فن الشارع، أو فن الكتابة على الجدران (الفن) الذي اختلف فيه الناس، وتضاربت بسببه الآراء، فما بين القبول والاعتراض والإعجاب والسخط تفاوتت مكانة الجرافيتي، وفي الحقيقة قد نقول إنه الفن الذي جعلنا نعيش شعور التضاد بين براعته و بين جرأته، فرغم جماله وعمق (...)
تعد الهندسة المعمارية من أهم الفنون الإبداعية، لأنها تمثل أبعادًا ثقافية عميقة، وتعكس صورًا دافئة للنسيج الاجتماعي، وتتحدث بلغة المكان والزمان، والأهم من ذلك كله هو أن الهندسة المعمارية دلالة قوية على التاريخ الذي امتد منذ آلاف السنين، وإن صح القول (...)
في زمن التحولات أصبحنا نعيش نهضةً ثقافية غير مسبوقة نحو الكتب والقراءة ومجتمعات المعرفة، وأصبح التوسع في عالمنا براقًا، لم نكن نملك سوى مكتبات الجامعة والمكتبات العامة، بأرففها العملاقة وصمتها المهيب،حيث كانت المساحة العامة الوحيدة للكتب، أما اليوم (...)
يُقال إن ذاكرة المدن هي أقوى ذاكرة، فهي لا تحمل اسمًا عابرًا فقط بل تحمل الهوى، والهوية، والمعالم، والأحداث، والأماكن، تحمل القصص والحكايات والتفاصيل التي تتوهج عند ذكرها، والبحث في خارطتها، ولذلك تعد مدن المملكة العربية السعودية من أكثر المدن التي (...)
تُعد محاولة البقاء في حالة مزاجية جيدة في كلّ الظروف الحياتية القاسية محاولة بائسة، ونوعاً من أنواع الجهد النفسي والبدني والاجتماعي، فنحن جميعنا ندرك أهمية الفكر الإيجابي وأهمية التعاطي مع المواقف الصعبة بهدوء وحب، ولكن التمسك بعقلية إيجابية في كل (...)
(لا أحب قراءة الروايات التي تحمل لي شيئًا من واقعي أو التي تعبر عنه بأي شكل من الأشكال)، بتلك العبارة باغتتني إحدى صديقاتي أثناء حوارنا الثقافي العميق عن الكتب والقراءة، أكملتْ حديثها بكل قناعة، وربما بأسى وقالت لي: "أنا أيضًا لا أحب القراءة لكُتاب (...)
أيامٌ قليلة تفصلنا عن عيد الفطر المبارك، أو كما تبرمجت ذاكرتنا القديمة (عيد الحلاوة)، فرغم كل التوجيهات الأسرية لنا كأطفال بمفهوم العيد بأنه شعيرة دينية، وأنه موسم فرح لإتمام شهر رمضان الكريم، إلا أن (الحلاوة) كانت تشغل حيزًا واسعًا في مخيلتنا (...)
زخمٌ كبير تشهده الأسواق الشعبية في هذه الأيام المباركة، فالشوارع والطرقات والمتاجر مثقلة بزحامٍ شديد، أو بالأصح غريب، لأنه الزحام الذي لا عراك فيه، ولا نزاع، ولا تذمر، ولا صراخ، ففي هذا التوقيت من العام يتوافد الغالبية من الناس للأسواق الشعبية (...)
في الجهاز المناعي لجسم الإنسان توجد خلايا مناعية تسمى (خلايا الذاكرة المناعية) وهي خلايا متخصصة لها القدرة على التذكر والتعرف بسرعة على الكائنات الممرضة والتي سبق وأن تعرَّض لها الجسم، فحين تعود تلك الكائنات تبدأ الاستجابة المناعية المناسبة والتي (...)
في مساحة من الفن والجمال والإبداع وعلى أرض التاريخ والحضارات تفردت (الرواية) بفضائها الرحب في (مهرجان الدرعية للرواية)، المهرجان الاستثنائي الذي احتضن هذا الفن السردي الباذخ بالإبداع والحكمة والخيال، فمن عبق الهُوية وملامح الدرعية العظيمة، كانت (...)
أحيانًا وبدون إدراك يستيقظ فينا شعورٌ ما نتيقن من خلاله أن للأيام صوت، وكم هو عميق ذلك الصوت، فهو يعبر من خلالنا، يتجاوز الزمن ويعيدنا لذلك الفلق الأول، قبل عدة أسابيع مررت صدفةً بإحدى الجامعات، ورأيت تجمعات الطالبات، كانت أصواتهن تتعالى، نقاشاتٍ (...)