يُعدّ لفظ الجاهلية من المصطلحات القرآنية ذات الثقل الدلالي؛ إذ لا يقف عند حدود وصف مرحلة زمنية سبقت بعثة النبي (ص)، بل يتجاوزها إلى توصيف حالة فكرية وثقافية وأخلاقية تعارض مقاصد الوحي. وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم أربع مرات، في مواضع مختلفة، (...)
يُعد التعلم مدى الحياة أحد المبادئ الأساسية في التنمية البشرية، فهو يعتبر امتدادًا للعملية التعليمية التي بدأت منذ الطفولة وحتى سن الشيخوخة. ومن خلال المنظور الأنثروبولوجي، التعلم لا يتوقف عند سن معين أو مرحلة دراسية محددة، أو ظروف قهرية، لأنه عملية (...)
مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء، يزداد انتشار عدد من الأمراض، خاصة تلك التي تصيب الجهاز التنفسي. هذا الموسم تحديدًا، لوحظ ازدياد في شدة الأعراض وطول مدة المرض لدى فئات مختلفة، ما يستدعي التعامل مع أمراض الشتاء بوعي طبي بعيدًا عن التهوين أو (...)
أمتطي صهوة جواد القلم لا لأكتب عن مكانة العربية في يومها العالمي، بل لأنقل تجربة عايشتها وزادت من يقيني بأن العربية لغة تقبع في قلب العالم.
لم يجُل في خلدي يومًا أن تكون اللغة العربية مقصدًا ورغبة عند غير العرب لذاتها، كنت أظن أن من يتعلمها في أصقاع (...)
في قصة موسى عليه السلام، تقف اللغة القرآنية عند مشاهد الدهشة والرهبة وقفاتٍ دقيقة تُدهش المتأمل وتُربّي الذوق البلاغي. ومن أعجب تلك الوقفات اختيار القرآن للفعل «تَلْقَف» في قوله تعالى: (فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) الأعراف 117، لفظة قصيرة، (...)
يعد أدب الرحلات من أهم الفنون الحية التي ترافق الإنسان في بحثه عن العلم والمعنى، فهو يجمع بين الطابع السردي والتوثيقي، حيث يلتقي فيه الاكتشاف بالكتابة، والوصف بالحكاية، والواقع بالتأمل، ويُعد أحد أكثر الأجناس الأدبية ثراءً واتساعًا لما يحتويه من (...)
تزدحم لغتنا اليوم باستعمالاتٍ تُقال على عجل، فيغيب عنها التمييز الدقيق بين ألفاظٍ ظنّ الناس أنها سواء. ومن أكثر الأخطاء شيوعًا قولهم في المكاتبات والرسائل: "بعثت لك رسالة"، أو "سأبعث لك بريدًا" ومع أن اللفظ مألوف، إلا أن الذائقة العربية السليمة (...)
بيت من الشعر يحكي لنا عن هذا النوع من القلوب:
داويتُ جرحًا فاستثار بقيتي
ما قلت لي إن الجراحَ تثارُ
من لم يكنْ مستأسدًا بجراحِه
داستْهُ قهرًا حينما ينهارُ
من السهل أن نتحدث عن القلوب المكسورة، فهي تُعلن وجعها بوضوح، لكنّ القلوب المثقوبة تسير بيننا (...)
في زمن التكنولوجيا، وتغيُر العادات القرائية تتكرر الأسئلة عن مصير الكتب الورقية أمام هذا العالم الرقمي، فهل سيمحوها الاختزال المعرفي الذي نعيشه؟ هل ستتحول يومًا ما إلى قطع أثرية تُعرض في المتاحف فقط؟ وهل ستصمد أمام مهنية الأجهزة؟ في الحقيقة هي أسئلة (...)
بيت من الشعر يحكي لنا عن هذا النوع من القلوب:
داويتُ جرحًا فاستثار بقيتي
ما قلت لي إن الجراحَ تثارُ
من لم يكنْ مستأسدًا بجراحِه
داستْهُ قهرًا حينما ينهارُ
من السهل أن نتحدث عن القلوب المكسورة، فهي تُعلن وجعها بوضوح، لكنّ القلوب المثقوبة تسير بيننا (...)
لم يكن مشري معروفًا لديّ قبل أمسية (ذاكرة القرى) التي قادني إليها المشهد الثقافي بحراكه النوعي في وقتنا الحالي، أسرتني فلسفته الفكرية فأخذني قلمي للكتابة عنه.
حين يمرّ إنسان في الحياة فيترك أثرًا أعمق من خطاه، نعلم أننا أمام روح استثنائية عاشت (...)
بعد التحولات النوعية الكبيرة التي طرأت على المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة نستطيع القول إن الثقافة السعودية في أزهى مراحلها بعد أن اتكأت على رؤية عظيمة أشادت بتلك النقلة ودعمتها، وجعلتها إحدى ركائز التنمية الشاملة، فما (...)
يخيَّل إلى بعض الناس أن قارعة الطريق هي جانبها البعيد، أو طرفها الموحش الذي لا يمرّ به أحد. فيقال: تركه في قارعة الطريق، يريدون بذلك أنه نبذه في العراء أو ألقاه على الهامش. غير أنّ اللغة - بصدقها الدقيق وميزانها العادل - تأبى هذا الفهم، وتعيد (...)
عند كل سقوط أو خسارة أو خيبة تتصاعد أبخرة الحسرة، ويتكرر السؤال الأزلي ماذا لو لم نفعل؟ وماذا لو عاد الزمن؟ وماذا لو اتخذنا القرار الصائب؟ نتساءل رغم يقيننا بهشاشة السؤال، ومرارة المواجهة، وقناعتنا الداخلية بأنه لا شيء يعود، ولكن النفس البشرية جُبلت (...)
يُدهَش الباحث في فقه اللغة حين يكتشف أن بعض الألفاظ، على تفرّق اللغات وتباعد العصور، تتلاقى في جوهرها الدلالي، وكأنها تصدر عن معينٍ واحد من المعنى الإنساني المشترك، ومن أبرز هذه الألفاظ كلمة (طُوبَى)، التي وردت في قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا (...)
اللغة العربية كائن حيّ، لا يقف عند حدٍّ واحد، إنما يتنفس عبر مستويات متدرجة، تبدأ من الفصحى العليا في نصوص الوحي، ولا تنتهي عند لهجات الناس في الأسواق والمجالس. هذا التدرج ليس ضعفًا في العربية، بل شاهدٌ على مرونتها وقدرتها على أن تحيا في كل زمان (...)
طالما أبهجتنا تلك المدينة بلطفها، وسحرها، وَوهْج أصحابها، نفِد إليها غرباء فتفتح الأبواب والأحلام والحكايات، تسكب الضوء في خطواتنا، والأمل في مساماتنا، (الرياض) المدينة العميقة بجذورها التاريخية، وحضارتها، وعاداتها وشوارعها، ونُبل أهلها وسكانها، (...)
تُعَدُّ (كأن) من الأدوات العربية البليغة التي تتنوّع دلالاتها بحسب السياق، فهي في الأصل حرف مشبّه بالفعل يعمل عمل «إنَّ» فينصب الاسم ويرفع الخبر، غير أنّ دلالتها البلاغية تتجاوز هذا الجانب النحوي إلى معانٍ دقيقة تتراوح بين التشبيه وغلبة الظن.
أصل (...)
يعد اتخاذ القرار من أصعب العمليات العقلية والنفسية التي تؤثر على حياة الإنسان ومساراتها المختلفة، وتعد القدرة على اتخاذه فكرة تعزز امتلاكنا للإرادة الشخصية، بغض النظر عن صحة اختياراتنا، وبعيدًا عن وجود الخطأ والصواب فيها، أتساءل هل ثقافة الإنسان (...)
في كل صباحٍ من صباحات الوطن، تتلألأ الأرض كما لو أنها تُهدي أبناءها ومضًا من النور، ويعبق هواؤها بشذى لا يخطئه القلب قبل الحواس. وطنٌ على ومض الثرى يتضوع، جملة تختصر حكاية خمسةٍ وتسعين عامًا من المجد، تبدأ من صحراء مترامية الأطراف، وتبلغ عنان السماء (...)
يعد الاستهلال في الرواية عامل جذب، وموطن قوة، وجزءا مهما في بناء النص الروائي، حيث يُعتبر عتبة أولى للأحداث، ومقدمة للحبكة السردية، ومنظم للإيقاع الروائي، كما أن له دورا في تحفيز القارئ وتشويقه، وأيضًا فسحة للتأمل والتفكير، خاصة لو لم يكن مباشرًا (...)
في كل عام، يطلّ علينا اليوم الوطني السعودي كأنشودة عشق تتجدّد في القلوب، فتنبض الأرض بأهازيج الفخر والاعتزاز، إنه يوم لا يُختصر بذكرى، بل يتسع ليكون هوية خالدة، وسيرة وطن صنع من الصحراء حضارة، وحوّل الحلم إلى واقع مهيب.
في هذا اليوم يرفرف علمنا (...)
تُعَدُّ كلمة «شكرًا» من أكثر الألفاظ تردادًا في التواصل الإنساني، وهي في حقيقتها ليست مجرّد تعبير آلي عن الامتنان، بل هي فعل لغويّ يحمل في طيّاته فلسفة عميقة تتعلق بالعلاقة بين الذات والآخر، وبين العطاء والاعتراف به. ولذا فإنّ البحث في الرد المناسب (...)
كما يتحتم على الإنسان أن يحافظ على لياقته الجسدية التي تعينه على الحركة، ولياقته النفسية التي تجمّل سلوكه واتزانه، كذلك عليه أن يعتني بلياقته اللغوية؛ تلك الملكة الخفية التي تمنحه القدرة على اختيار الكلمة في وقتها، ووضع العبارة في مقامها، فينجو بها (...)
يعد الاستثمار الثقافي من أهم وسائل التفاعل الإنساني الاجتماعي الاقتصادي، وذلك لقدرته على إيصال الاختلاف، ونقل الموروث، وتسهيل التعامل بين الأفراد والجماعات، وتحسين الصور الذهنية للدول، فمن خلاله يتم بناء الجسور بين المجتمعات، وتقليص المسافات، وتدعيم (...)