راجعتني فتاة في عيادة الخدمة الاجتماعية في المستشفى الحكومي الذي أعمل به، تعاني من العنف اللفظي والنفسي الواقع من والدها عليها وعلى جميع أفراد الأسرة مثل الإهانة والسخرية، واستخدام الكلمات البذيئة والتهديد والحرمان والإهمال. تقول إنها توصلت لطريقة مفيدة جدًا جعلت والدها يتوقف عن العنف في الأوقات التي تطبق معه الطريقة وهي عندما تمازحه، لاحظت أنه يحب ذلك ويستأنس ويضحك معها ويبادلها المزاح، واستطاعت بتلك الطريقة التخفيف من العنف، كما لاحظت أن علاقته تحسنت معها وأصبحت أفضل من علاقته بإخوانها وأخواتها ووالدتها الذين لا يمازحونه. صدق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، القائل: «أحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم» فقد يتحقق السرور في قلب المسلمِ بسؤال أخيه عنه، وقد يتحقق بزيارة أخيه له، وقد يتحقق بهدية أخيه له، وقد يتحقق بأي شيء سوى ذلك، الأصل أن تدخل السرور عليه بأي طريقة استطعت. لذلك المزاح مشروع ومطلوب لتأليف القلوب وتخفيف الضغوط النفسية. قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إنِّي لأمزَحُ ولا أقولُ إلَّا حَقًّا». وعن أنَسِ بنِ مالكٍ، رَضِيَ اللهُ عنه، قال: «كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وكان لي أخٌ يُقالُ له أبو عُمَيرٍ -قال: أحسَبُه- فطيمٌ، وكان إذا جاء قال: يا أبا عُمَيرٍ، ما فَعَل النُّغَيرُ؟ نُغَرٌ كان يَلعَبُ به». وعن عَوفِ بنِ مالِكٍ الأشجَعيِّ، قال: «أتيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةِ تَبوكَ وهو في قُبَّةٍ من أدَمٍ، فسلَّمتُ، فرَدَّ وقال: ادخُلْ. فقُلتُ: أكُلِّي يا رسولَ اللهِ؟! قال: كُلُّك!، فدخَلْتُ». فكما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمازِحُ أصحابَه، كذلك كان الصَّحابةُ يُمازِحونَه.