مع اقتراب فترات الذروة السنوية لإطلاق الهواتف الذكية، تعود إلى الواجهة ظاهرة المراجعات المبكرة التي تملأ المنصات الرقمية قبل طرح الأجهزة في الأسواق بأيام أو أسابيع قليلة. وتشهد هذه الفترة عادةً نشاطًا مكثفًا من صانعي المحتوى التقني والمؤثرين، الذين يتسابقون إلى نشر انطباعاتهم الأولية عن الأجهزة الجديدة في مقاطع تحمل عناوين مثل «التجربة الأولى» أو «مراجعة حصرية قبل الإطلاق»، وهي مراجعات تعزز الهوس بالهواتف الجديدة، وتؤدي من حيث المحصلة إلى إرهاق الجيوب. تسويق مبكر يشير الخبير التقني عبدالعزيز محمد إلى أن مقاطع المراجعات المبكرة، والتجارب الأولى، باتت «جزءًا من إستراتيجية التسويق الرسمية للشركات»، إذ يتم تسليم الأجهزة إلى مؤثرين مختارين ضمن برنامج «الوصول المبكر» وذلك لبناء موجة اهتمام رقمية تسبق الإعلان التجاري. وأضاف «تحصل الشركات بهذه الطريقة على سبق إعلامي من الجمهور نفسه، حيث يتولى المؤثرون خلق الضجة حول المنتج قبل أن تصل الإعلانات التقليدية». ثقة مقابل إعلان من جانبه، يرى المهندس فهد ناصر أن الحدّ الفاصل بين المراجعة الصادقة والمحتوى الإعلاني أصبح غير واضح، مؤكدًا أن بعض المراجعات المبكرة «تبدو أقرب إلى الترويج المدفوع منها إلى التجربة المحايدة». وقال «المؤثر يدرك أن السرعة تمنحه المشاهدة، لكنها قد تكلّفه المصداقية»، مشيرًا إلى أن «بعض المراجعين يتجنبون ذكر العيوب التقنية حتى لا يخسروا تعاوناتهم المقبلة مع الشركات». انعكاس اقتصادي مباشر الخبير الاقتصادي سامي كريم أكد أن «المراجعات المبكرة أصبحت «مؤشرًا أوليًا للمبيعات»، موضحًا أن «الشركات تقيس من خلالها تفاعل الجمهور وتضبط حجم الإنتاج وفق الإقبال المتوقع». وأضاف «هذا النوع من التسويق يعتمد على «صناعة الانطباع الأول» الذي يدفع بعض المستهلكين إلى الشراء المسبق أو استبدال أجهزتهم حتى قبل توافر النسخ النهائية في المتاجر». محتوى يحتاج تنظيمًًا يرى مختصون أن اتساع نطاق هذه الظاهرة يتطلب ضوابط إعلامية أكثر وضوحًا، بحيث يُعلَن للمشاهد ما إذا كانت المادة تجربة شخصية أم محتوى دعائي مدفوع. ويؤكد عبدالعزيز محمد أن «الشفافية أصبحت معيار الثقة في المحتوى التقني»، داعيًا المراجعين إلى الفصل الواضح بين الرأي الشخصي والإعلان التجاري. مدلولات الهوس يشير «الهوس بالهواتف الذكية الجديدة» إلى الانشغال المفرط والمستمر بأحدث طرازات الهواتف الذكية والرغبة القوية في اقتنائها باستمرار، حتى عندما لا يكون الهاتف الحالي بحاجة إلى استبدال. وعلميا يفسر هذا الهوس بأنه عند استخدام الهاتف أو سماع إشعار، يطلق الدماغ كميات صغيرة من الدوبامين، مما يمنح شعورًا مؤقتًا بالسعادة والتحفيز. هذه الدفعة المؤقتة تجعل الشخص يرغب في المزيد، مما يؤدي إلى دورة من الإدمان. كما أن هناك من لديهم شغف باكتشاف التقنيات الحديثة والرغبة القوية في تجربة كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا، دون إهمال تأثير التباهي ومحاولة تعزيز الوضع الاجتماعي بين الأقران في تحفيز الرغبة بامتلاك الهواتف الجديدة.