شهدت عاصمتنا الغالية «الرياض» أخيرًا الإعلان عن مبادرة لم تكن مسبوقة في عالمنا العربي، وعلى مستوى العالم الإسلامي، وقد أتت هذه المبادرة في إطار المشروع الدفاعي الكبير الذي تقوده المملكة. تشكَّلت المبادرة، التي جرى الإعلان عنها خلال زيارة رئيس وزراء باكستان، محمد شهباز شريف إلى المملكة مؤخرًا في إطلاق اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان. الاتفاقية التي قادتها المملكة وبالشراكة مع باكستان، تهدف إلى تعزيز الأمن القومي للمملكة وتوطّد تحالفاتها الإقليمية والدولية، ما يمثل خطوة مهمة في اتجاه طمأنة لشعوب المنطقة، وردعًا لأي محاولات قد تستهدف استقرارها، بما يعكس التزام البلدين بتعزيز السلام والأمن الإقليمي. لقد جاءت المبادرة لتواكب مواجهة التهديدات في إطار المشروعية الدولية، وتُسهم في جعل التحالف العسكري جزءًا أصيلًا من حركة القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة. كما أن هذه الاتفاقية تُعد بمرتبة جسر حضاري ينقل العمل الجماعي الإسلامي إلى آفاق مستقبلية أوسع، وبناء منصة متكاملة تتيح للسعودية وباكستان الدفاع المشترك، بما يعزز العلاقات الثنائية التاريخية، ويمنحها حضورًا متجددًا على مسرح المواقف الراسخة اتجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك. وتعكس المبادرة الرؤية الإستراتيجية للمملكة في جعل الشراكة الدفاعية محورًا للأمن والاستقرار، وامتدادًا لعدد من المبادرات النوعية التي أطلقتها حكومتنا الرشيدة لترسيخ الاهتمام بالمحور الدفاعي والمكونات المتصلة به، وبالقدرات الدفاعية المتعلقة بحماية الأرض والمقدسات والشعب من أي تهديد خارجي. ومما يُميز هذه المبادرة السعودية الباكستانية الدفاعية أنها تتعدى الجغرافيا المحلية لتصل إلى كل من ينوي التدخل أينما كان، إلى جانب محتواها القانوني الراسخ الذي يتمثل في التأصيل القانوني للاتفاقيات الدفاعية، إذ يرتكز على عضوية البلدين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتزامهما بمبادئ ميثاقها، ولا سيما ما يتعلق بحق الدول في الدفاع الشرعي عن نفسها. وأكَّدت المبادرة وبقوة حكمة القيادة السعودية بمكانتها كدولة مؤسسة للأمم المتحدة ومشاركة فاعلة في صياغة مبادئها الأساسية، بما يعطي الاتفاقية الدفاعية الشرعية والمصداقية الدولية، وتفتح آفاقًا جديدة لالتزاماتها القانونية الدولية في حماية سيادتها وأمن حلفائها. وكما أن الإعلان عن المبادرة الدفاعية الكبيرة، التي تفاعل معها النخب والعامة، والدبلوماسيون بالمنطقة، والخبراء، بوصفها «ضربة معلم»، فإن اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان، التي وُقِّعت في الرياض بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، ليست مجرد اتفاقية فحسب، بل هي رسالة حضارية فيها إشارات إلى العالم، مضمونها أن الأمة العربية والإسلامية قادرة على التأثير في ميادين السلم والاستقرار والازدهار والحلول السياسية، وليس بالمنطقة فقط، بل على المستوى الدولي. إنها خطوة تحكي صدق الأهداف وروعة الغايات، بأن هذه الأرض الطاهرة الكريمة ستستمر معطاءة بالأفكار الفريدة للارتقاء بالأهداف المشتركة في مجال الأمن والاستقرار.