يعد الاستثمار الثقافي من أهم وسائل التفاعل الإنساني الاجتماعي الاقتصادي، وذلك لقدرته على إيصال الاختلاف، ونقل الموروث، وتسهيل التعامل بين الأفراد والجماعات، وتحسين الصور الذهنية للدول، فمن خلاله يتم بناء الجسور بين المجتمعات، وتقليص المسافات، وتدعيم أساليب الحوار، أيضًا يعتبر من الطرق المهمة في تعزيز الهُوية الوطنية وتجسيدها، فهناك تكامل حقيقي بين الاستثمار الثقافي والهُوية، حيث تُعد الهوية دعامة مهمة للاستثمار من حيث المضمون والمحتوى الثري الهادف. ويعد الاستثمار أداة فعالة لحماية الهُوية، فهو يستطيع حفظ الموروث بكل أشكاله، وذلك من خلال دعمه للمتاحف والمواقع الأثرية، وتحويلها إلى وجهة فعَّالة واستقطاب السيَّاح إليها، وأيضًا من خلال إحياء التراث الوطني، وإقامة مهرجانات الفنون الشعبية المتنوعة، وإحياء المعارض والفعاليات الأدبية، ودعم الحرف اليدوية، وإبراز العادات والتقاليد والتي يعد وجودها استدامة حقيقية للماضي،حيث تبقى متوهجة رغم التحديث الزمني، وعبور الأجيال. الثقافة السعودية غنية وثرية وزاخرة، لذا تستحق أن تكون وِجهة عالمية، لما تحويه من عمق، وما تحمله من وعي فكري هائل، تستحق هذا التسيد الأنيق الذي تحظى به بين مختلف الثقافات الأخرى، خاصةً بعد دعم الرؤية العظيمة والتي كان لها الدور المهم في ثراء المشهد الثقافي، والتحولات الجذرية فيه، حيث بدأ هذا الاتساع بالتدفق إلى مجتمعاتنا المحلية، وساعد الوعي الفردي والجمعي في تفعيله، (الاستثمار الثقافي) سيساهم فعليًا في تصدير تاريخنا عالميًا، واستدامته محليًا، وسيساعد في بناء أجيال متماسكة تعتز بهويتها، وسيمنح الفرص الوظيفية والفكرية والإبداعية أيضًا، لذا نحن بالفعل نحتاج إلى هذا الاستثمار الهادف الذي لا يعترف بالحدود المعرفية، ولا يتقيد بالأسماء، الاستثمار الذي يدعم حماية الهوية ويشيد بها، فالتواصل الثقافي بالعموم يتطلب مساهمة الشعوب وتفاعلها الحقيقي، يتطلب دعم الأفراد والمنشآت وذلك لتقليل الفجوة بين المجتمعات، وإتاحة الفرصة للتبادل الفكري، وبالتالي زيادة الوعي في تقبل الاختلاف، وتقدير الآخر، وتكوين ملامح إيجابية للدول.