في طريقنا نحو الحياة نخاف من الفشل، ومن المرض، ومن تجاوزات الآخرين، نخاف من ضمور أهدافنا وطموحاتنا، نتعرض للمواقف الصعبة فنعبر الكثير منها، ونبقى عالقين في بعضها، ربما لا نجيد مواجهتها، ولا التحكم في ردود أفعالنا، ولا اتخاذ الحلول، وقد يكون هذا الأمر طبيعياً، وأحد مسلمات الحياة، لأن جهلنا في مواجهة بعض المواقف هو أمر فطري وتلقائي، فنحن لا نعلم الغيب، ولا نتوقع تصرفات الآخرين، وربما لا نملك الخبرة الكافية في مواجهة الأشياء المؤذية، لذا نشعر بالعجز أمام وعورة المواقف، ومعارك الحياة، يقول ميلان كونديرا: (لا يمكن للإنسان أبدًا أن يدرك ماذا عليه أن يفعل، لأنه لا يملك إلا حياة واحدة، لا يسعه مقارنتها بِحَيوات سابقة ولا إصلاحها في حيوات لاحقة). بالفعل نحن في أوقات كثيرة لا نملك القدرة على التوقع أو حتى التصرف، وربما نحن أقل بمراحل من سطوة المواقف السلبية التي قد نتعرض لها، لذا لا نجيد غالبًا مواجهتها بصلابة فنحن لم نتعلمها على مقاعد الدراسة، ولم نكتسبها من الكتب، ولم تكن في قائمة المحظورات التي لقنتنا إياها الأمهات ذات طفولة، المواقف والخيبات هي نتاج المجتمعات، وخلاصة الاختلافات البشرية، وربما التشوهات الروحية، فنحن لا نعلم مع أي فئة سنتعامل، ولا ندرك إلى أي مدى قد نتألم، فالطريق الأخضر قد يكون ملغومًا، والأبواب المفتوحة قد تضع مزلاجها، لذا نحن نسقط ونقف، ثم نسقط ونقف، ولكن بعد كل سقوط يصبح الوقوف أكثر وعورة، ويصبح سلامنا النفسي أكثر اهتزازًا، وتصبح عودتنا إلى أنفسنا شاقة جدًا، لذا لابد أن نضع الحدود الوقائية لحماية أرواحنا، وأحلامنا، وحكاياتنا، لابد أن نضع الحواجز الكافية لحفظ أهدافنا وطموحاتنا في الحياة، لابد أن نخفض سقف توقعاتنا في هذا العالم، الحدود الوقائية تحمينا من العلاقات السامة، وتساعدنا في بناء علاقات صحية متزنة، وتحجب عنا الكثير من الانعطافات، وتخفف عنا تلك الآثار السلبية، وتنسج لأرواحنا خوذة حماية تقينا من مخالب الزمن، وخيبات الآخرين.