الرسام الإسباني بابلو بيكاسو كان من محبي نوم القيلولة في فترة الظهيرة، ولمدة لا تتجاوز عشر دقائق، وهو عبقري في مجاله، وحتى يصحو في الوقت المحدد، فإنه يمسك بملعقة في إحدى يديه، وإذا ارتخت عضلاته سقطت الملعقة واستيقظ على صوتها.. عادة القيلولة مهمة للإنسان من الناحية الصحية، لأنها تشحن طاقته الذهنية، وترفع من إنتاجيته وإبداعه، والأنسب أخذها قبل الثانية ظهرا، فالساعة البيولوجية للجسم تكون أبطأ في هذا الوقت، وبحيث تكون في حدود 30 دقيقة أو أقل، والسعوديون يفضلونها بعد العودة من الدوام، وتحديداً في الفترة التي تأتي بعد افتراس وجبة الغداء إلى الخامسة عصراً، وبما يصل لقرابة الساعة، وهو أمر يرفضه خبراء الطب السريري في جامعة ساثرن كاليفورنيا، على اعتبار أن الشخص إذا تجاوز الحد الأعلى للقيلولة، سيدخل في مرحلة النوم العميق، ما يجعله في حالة تهور لمدة ساعة عندما يستيقظ، ضمن ما يعرف بجنون النوم، وقد يقوم بأفعال خطيرة يندم عليها، وفي دراسة محلية نشرت في 2023، وأجريت على قرابة ألفي سعودي من الأصحاء، تبين أن 38 % من بينهم، يعانون من الأرق المزمن، وبالأخص النساء، والعاطلين عن العمل، ومن لا يمارسون مجهوداً بدنيا، والمطلقين والأرمل من الجنسين، ووجدت الدراسة أن انقطاع النفس بفعل السمنة، يؤثر في جودة نوم السعوديين الخفيف والطويل، ويفسر نوم الطلبة في مدارسهم، والموظفين في أماكن عملهم، وهذا الانقطاع يصيب 10 % من السعوديين، وهو أكثر انتشارا بين الرجال. القيلولة الخفيفة مهمة، من وجهة نظر، أطباء مركز النوم والسهر في باريس، تخفض من خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي بنسبة 30 %، وبعض الدول الأوروبية، فيها أماكن للقيلولة داخل مقار العمل، ونفس الشيء متاح في الفنادق للموظفين، وبعض المدارس الغربية تقوم به مع طلابها، وهو في رأيي توجه مفيد في حالة طول اليوم الدراسي، ولمن يعملون بنظام المناوبات، والعاملين في مجال الرعاية الصحية، وأطقم الطيران التجاري، لمساعدتهم في استعادة التركيز، وتقليل الأخطاء المرتبطة بالإرهاق، وفي سوق الفوتيان بالصين، وهو أكبر سوق جملة في العالم، يأخذ كل الموظفين في مواقعهم، قيلولة طاقة لمدة ثلاثين دقيقة، اعتبارا من الواحدة ظهراً، لاستعادة النشاط ورفع معدلات الإنتاجية. مسألة الغفوة أو القيلولة الخفية مهمة، والدليل أن رياضيين عالميين، من أمثال كريستانو رونالدو وكريم بن زيما وغيرهم، قد يضعونها في برنامجهم التدريبي، لتسريع تعافي العضلات، وتحسين سرعة ردة الفعل، والقدرة على التحمل، ووجدت وكالة ناسا الفضائية، بأن قيلولة لمدة 26 دقيقة، يمكن أن تؤدي إلى رفع معدلات الأداء، وخصوصاً لموظفي الرحلات الجوية الطويلة، وبنسبة 34 %، وأنها تزيد من مستوى اليقظة لديهم بنسبة 54 %، وفي المقابل، أفادت دراسة أميركية أجريت عام 2022، بجامعة نورث ويسترن، وشارك فيها 460 ألف شخص، بأن المواظبة على القيلولة النهارية، قد يسبب ضغط الدم بنسبة 12 %، ويجعل الشخص أكثر عرضة للسكتة الدماغية بنسبة 24 %، واختلف معهما ولكني أوردهما من باب العلم بالشيء. الرسام الإسباني بابلو بيكاسو كان من محبي نوم القيلولة في فترة الظهيرة، ولمدة لا تتجاوز عشر دقائق، وهو عبقري في مجاله، وحتى يصحو في الوقت المحدد، فإنه يمسك بملعقة في إحدى يديه، وإذا ارتخت عضلاته سقطت الملعقة واستيقظ على صوتها، وهذه طريقة لافتة لضبط التوقيت، لأن الارتخاء لا يحصل قبل نهاية الدقائق العشرة، التي حددها عراب المدرسة التكعيبية، وتوجد قيلولة يسمونها قيلولة القهوة أو الطاقة، وفيها يقوم الشخص بتناول كوب القهوة في رشفة واحدة، ويأخذ بعده قيلولة لعشرين دقيقة، ومن ثم يصحو نشيطاً، لأن مفعول القهوة المنبه لا يعمل إلا بعد هذه المدة. في تقرير أصدرته المنظمة الدولية لمرض السكري عام 2022، وجد المختصون بأن القيلولة لمدة ساعة أو أكثر، تعطي مؤشراً على إصابة صاحبها، بمرض السكري الخامل من النوع الثاني، ونصحت مدينة الملك سعود الطبية في ذات العام، بأن لا تزيد القيلولة على 15 دقيقة، مع الحرص على عدم تناول الكافيين قبل النوم بعدة ساعات، وفي دراسة نشرت في 2016، لوحظ بأن أصحاب القيلولة الطويلة ترتفع عندهم نسبة الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي إلى 50 %، والمتلازمة تضم مجموعة من الأمراض، كضغط الدم، وارتفاع سكري الدم، وزيادة مقاومة الأنسولين، ودهون الدم، وفي دراسة ثالثة وجدوا أنها ترفع من معدل الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 82 %. القيلولة الطويلة، في معظم الأحيان، يصاحبها ما يسميه السعوديون بأحلام العصر، والتي يرون فيها أشياء غير مترابطة أو منطقية تحدث معاً، وهذه لا تأتي إلا في المرحلة الثالثة من النوم، أو بعد 40 دقيقة، والمعنى أن القيلولة تجاوزت حدها الصحي، بخلاف أن هذه الأحلام المزعجة، قد تشير لانقطاع التنفس أثناء النوم، أو الإفراط في الأكل، أو التعب والإرهاق والقلق، وفي الدول المتحضرة توجد تشريعات ضابطة، تحدد لشركات الشاحنات عدد الساعات المسموح بالقيادة المتواصلة فيها، لكل سائق، وبما يحول دون أخذه لقيلولة مميتة خلال عمله، والمؤمل في الوزارات المختصة بالمملكة، أن تهتم بتقنين ما سبق، لأنه بلا تشريع.