شهدت فرنسا، أمس (الأربعاء)، يوماً متوتراً مع انطلاق احتجاجات واسعة، تزامناً مع تولي وزير الدفاع السابق سيباستيان لوكورنو مهامه كرئيس جديد للحكومة بعد استقالة فرنسوا بايرو إثر حجب الثقة عنه في الجمعية الوطنية. وأعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو أن قوات الأمن اعتقلت نحو 200 شخص في الساعات الأولى من التعبئة، مشيراً إلى نشر 80 ألف شرطي في مختلف أنحاء البلاد لمواجهة أي أعمال عنف أو محاولات لقطع الطرق. وأضاف أن السلطات "لن تتسامح" مع الاعتداءات أو التخريب، لافتاً إلى إحراق حافلة في مدينة رين وأعمال شغب متفرقة في باريس حيث أُضرمت النيران في صناديق القمامة. وتسببت الاضطرابات في تعطل خدمات السكك الحديدية الإقليمية وتوقف بعض الرحلات الجوية، فيما حذرت هيئة الطيران المدني من احتمال تسجيل تأخيرات في مطارات باريس الرئيسة. كما أعلنت شركات النقل عن إرباك في بعض الخطوط، في حين بقيت القطارات السريعة ومترو العاصمة يعملان بصورة شبه طبيعية. الاحتجاجات التي انطلقت عبر الإنترنت خلال الصيف اكتسبت زخماً بعد تقديم الحكومة السابقة مشروع ميزانية تقشفية يستهدف توفير 44 مليار يورو لخفض الدين العام، قبل أن تسقط حكومة بايرو يوم الاثنين الماضي. ويرى مراقبون أن التعبئة تذكّر بحراك "السترات الصفراء" بين عامي 2018 و2019، لكنها حتى الآن تفتقر إلى قيادة واضحة، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرتها على الاستمرار. في المقابل، دخل لوكورنو (39 عاماً) قصر ماتينيون ليصبح سابع رئيس وزراء في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون، والخامس منذ بداية ولايته الثانية عام 2022، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الخامسة. وقال في كلمة مقتضبة إنه كُلّف بتشكيل "حكومة ذات توجه واضح" تعزز الاستقرار السياسي وتخدم "وحدة البلاد"، مؤكداً عزمه على التشاور مع القوى السياسية داخل برلمان منقسم. وبينما تتصاعد موجة الغضب الشعبي ضد سياسات ماكرون الاقتصادية، حذّر وزير الداخلية من أن "اليسار الراديكالي" يقف خلف محاولات "زرع مناخ تمرد"، مشيراً إلى مراقبة مشددة ل"نقاط حيوية" مثل مصافي النفط ومراكز النقل. وتبقى المحطة المقبلة في 18 سبتمبر الجاري، حيث تخطط النقابات العمالية لتنظيم إضرابات واحتجاجات أوسع نطاقاً، يُتوقع أن تحدد ملامح المرحلة المقبلة بين الحكومة الجديدة والشارع الفرنسي.