في خضمّ التسارع غير المسبوق للابتكار الرقمي وتنامي التحديات الجيوسياسية، كشف تقرير اقتصادي حديث عن خريطة طريق مفصلة، تتضمن 10 توجهات إستراتيجية للتكنولوجيا يجب على المؤسسات وقادة الأعمال استيعابها وتطبيقها خلال عام 2026. هذه التوجهات لا تقتصر على كونها تحولات تقنية فقط، حسب تقرير مؤسسة «جارتنر» العالمية للأبحاث التقنية، بل هي محفزات أساسية لإحداث تغييرات ملموسة في الأعمال، وتقود نحو عصر يتسم بالذكاء الاصطناعي المعزز، وضرورة قيادة الابتكار المسؤول، والتميز التشغيلي، وترسيخ الثقة الرقمية. هيمنة الذكاء الاصطناعي يشهد المشهد التقني تحولا جذريا في كيفية نشر الذكاء الاصطناعي، متجاوزا النماذج العامة إلى منصات متخصصة فائقة القدرة، تتمثل في: 1- منصة الحوسبة الفائقة للذكاء الاصطناعي: لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد برمجيات، بل أصبح نظاما متكاملا يعتمد على دمج وحدات المعالجة المركزية، ووحدات معالجة الرسوميات، والدارات المتكاملة الخاصة بالذكاء الاصطناعي. تتيح هذه المنصات للمؤسسات تنظيم أعباء العمل المعقدة، وتقديم مستويات غير مسبوقة من الأداء والكفاءة. ومن المتوقع أن يعتمد أكثر من 40% من المؤسسات الرائدة نماذج الحوسبة الهجينة في عملياتها التجارية الحيوية بحلول عام 2028، في ارتفاع كبير عن النسبة الحالية، البالغة 8%. هذه القدرات تحفز الابتكار بشكل فعلي في مجالات حيوية. ففي الرعاية الصحية، يمكن وضع نماذج أدوية جديدة خلال أسابيع بدلا من أعوام، وفي الخدمات المالية، يمكن محاكاة الأسواق العالمية، لتقليل مخاطر المحافظ الاستثمارية. 2- الأنظمة المتعددة الوكلاء (Multi-Agent Systems): تُعد هذه الأنظمة مجموعة من وكلاء الذكاء الاصطناعي التي تتواصل بينيا لتحقيق أهداف معقدة. إنها توفر أداة عملية لأتمتة العمليات التجارية المعقدة، وتطوير مهارات الفرق، مما يبتكر طرقا جديدة للعمل المشترك بين الإنسان ووكلاء الذكاء الاصطناعي. هذه الأنظمة تسهل توسيع نطاق العمليات، وتحسين سرعة التكيف مع الاحتياجات المتغيرة عبر وكلاء متخصصين يحسنون الكفاءة ويقللون المخاطر. 3- النماذج اللغوية المتخصصة في مجالات محددة (Domain-Specific LLMs): مع سعي الرؤساء التنفيذيين لشؤون التكنولوجيا إلى تحقيق قيمة تجارية أكبر، تبرز النماذج اللغوية المتخصصة لسد الفجوة في المهام التي تفتقر النماذج العامة لقدرتها على أدائها. هذه النماذج تُدرب أو تُحسّن باستخدام بيانات متخصصة ضمن قطاع أو عملية معينة، مما يضمن دقة أكبر، وتكاليف أقل، ومستويات امتثال أفضل. ومن المتوقع أن يكون أكثر من نصف نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي المستخدمة من قِبل المؤسسات من هذه النماذج المتخصصة بحلول عام 2028، حيث يصبح السياق عاملا أساسيا في نجاح نشر وكلاء الذكاء الاصطناعي. الحماية والثقة الرقمية يشير التقرير إلى أن التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي والترابط العالمي تعد آليات حماية متقدمة، ترتكز على الثقة والشفافية، وذلك من خلال: 1- منصات أمن الذكاء الاصطناعي: تظهر الحاجة إلى حلول موحدة، لضمان أمن تطبيقات الذكاء الاصطناعي، سواء كانت خارجية أو مصممة خصيصا. هذه المنصات تعزز مركزية الاطلاع على الجوانب المختلفة للعمل، وتفرض تطبيق سياسات الاستخدام، وتحمي من المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مثل حقن الأوامر الخبيثة وتسريب البيانات. ومن المتوقع أن يستخدم أكثر من 50% من المؤسسات هذه المنصات بحلول عام 2028، لحماية استثماراتها التقنية. 2- الحوسبة السرية (Confidential Computing): تمثل هذه التقنية تحولا في التعامل مع البيانات، حيث يتم عزل أحمال العمل داخل بيئات تنفيذ موثوقة قائمة على الأجهزة. هذا يضمن بقاء المحتوى وأحمال العمل سرية ومحمية حتى من مالكي البنى التحتية ومزودي الخدمات السحابية. ويصبح هذا الأمر ضروريا للقطاعات المنظمة، وللتعاون بين المؤسسات التي تواجه مخاطر جيو-سياسية أو متعلقة بالامتثال. 3- الأمن السيبراني الاستباقي: مع التنامي المتسارع للتهديدات، يتحول قادة التكنولوجيا من نهج «الدفاع التفاعلي» إلى «الحماية الاستباقية». هذا التوجه يتمحور حول اتخاذ الإجراءات قبل شن الجهات التخريبية لهجماتها باستخدام عمليات أمنية معززة بالذكاء الاصطناعي، وأساليب التمويه الممنهج، لتصبح القدرة على التنبؤ بالمخاطر هي الوسيلة الأساسية لضمان الحماية. 4- الأصالة الرقمية: أصبح التحقق من الأصالة أمرا حيويا مع تزايد الاعتماد على البرمجيات المفتوحة المصدر والمحتوى المُنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي. تشير الأصالة الرقمية إلى القدرة على التحقق من مصدر وملكية وسلامة البرمجيات والبيانات والوسائط. وتُعد الأدوات الجديدة، مثل فواتير مكونات البرمجيات والعلامات المائية الرقمية، ضرورية لتتبع الأصول الرقمية عبر سلسلة التوريد. إعادة تشكيل العمليات والبنى التحتية يؤكد التقرير أن هذه التوجهات تؤدي إلى دمج الذكاء في العالم المادي، وإعادة هيكلة فرق تطوير البرمجيات من خلال: 1- المنصات المطورة أساسا لتلائم الذكاء الاصطناعي (AI-Native Platforms): تستخدم هذه المنصات تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء البرمجيات بسرعة وسهولة غير مسبوقتين. تتيح للمؤسسات تشكيل فرق صغيرة ومرنة، حيث يعمل الخبراء غير التقنيين إلى جانب الذكاء الاصطناعي على تصميم البرمجيات، مع الالتزام بضوابط الأمن والحوكمة. ومن المتوقع أن تؤدي هذه المنصات إلى تحول 80% من المؤسسات من فرق هندسة برمجيات كبيرة إلى فرق أصغر بحلول عام 2030. 2- الذكاء الاصطناعي المادي (Physical AI): يسهم في إدراج عنصر الذكاء في العالم الواقعي عبر تشغيل الآلات والأجهزة التي تقوم بالاستشعار واتخاذ القرار والتنفيذ، مثل الروبوتات والطائرات دون طيار والمعدات الذكية. هذا يوفر فوائد ملموسة للقطاعات التي تعتمد على الأتمتة والسلامة، لكنه يتطلب مهارات جديدة تربط بين تكنولوجيا المعلومات والعمليات والهندسة. 3- إعادة التوطين الجغرافي (Geographic Repatriation): يشير هذا المبدأ إلى نقل بيانات وتطبيقات الشركات من السحب العامة العالمية إلى خيارات محلية، مثل السحب السيادية أو مزودي الخدمات السحابية الإقليميين. وتزايد المخاطر الجيو-سياسية جعل هذا المفهوم، الذي كان يقتصر سابقاً على الحكومات، يؤثر الآن في مجموعة واسعة من المؤسسات. ومن المتوقع أن يُعيد أكثر من 75% من المؤسسات الأوروبية ومؤسسات الشرق الأوسط توطين أعباء أعمالها الافتراضية ضمن حلول مصممة، لتقليل المخاطر الجيو-سياسية بحلول عام 2030 من أجل تعزيز التحكم بمواقع وجود البيانات، والامتثال للقوانين المحلية. 10 توجهات إستراتيجية للتكنولوجيا في 2026 1- منصة الحوسبة الفائقة للذكاء الاصطناعي المؤشر الأبرز: +40% من المؤسسات الرائدة ستعتمد نماذج الحوسبة الهجينة بحلول 2028. 2- الأنظمة المتعددة الوكلاء (Multi-Agent Systems) المؤشر الأبرز: أداة عملية لأتمتة العمليات المعقدة، وتحسين الكفاءة، وتقليل المخاطر. 3- النماذج اللغوية المتخصصة في مجالات محددة (Domain-Specific LLMs) المؤشر الأبرز: +50% من نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي ستكون متخصصة بحلول 2028. 4- منصات أمن الذكاء الاصطناعي المؤشر الأبرز: +50% من المؤسسات ستستخدم هذه المنصات لحماية استثماراتها في الذكاء الاصطناعي بحلول 2028. 5- المنصات المطورة أساسا لتلائم الذكاء الاصطناعي (AI-Native Platforms) المؤشر الأبرز: 80% من المؤسسات ستتحول إلى فرق برمجيات أصغر ومرنة بحلول 2030. 6- الحوسبة السرية (Confidential Computing) المؤشر الأبرز: +75% من العمليات في البنى التحتية غير الموثوقة سيتم تأمينها بالحوسبة السرية بحلول 2029. 7- الأصالة الرقمية (Digital Authenticity) المؤشر الأبرز: المؤسسات غير المستثمرة ستكون عرضة لعقوبات قد تصل إلى مليارات الدولارات بحلول 2029. 8- الذكاء الاصطناعي المادي (Physical AI) المؤشر الأبرز: يقدم فوائد حقيقية وملموسة لقطاعات الأتمتة الصناعية والسلامة. 9- الأمن السيبراني الاستباقي (Proactive Cybersecurity) المؤشر الأبرز: 50% من إجمالي الإنفاق على الأمن سيخصص للحلول الاستباقية بحلول 2030. 10- إعادة التوطين الجغرافي (Geographic Repatriation) المؤشر الأبرز: +75% من مؤسسات أوروبا والشرق الأوسط ستُعيد توطين أعباء أعمالها بحلول 2030.