في الرياض، حيث تتقاطع الرؤى وتلتقي الطموحات، يتجدّد المشهد العالمي للاقتصاد في مشهدٍ تتوسطه المملكة، حاملةً مفتاح الازدهار وراية التحول، هناك، في قاعة منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار 2025م، جلس قادة العالم والمبتكرون وصنّاع القرار، وكلّهم يسابقون الزمن لاستشراف مرحلة جديدة من الحوار العالمي حول مستقبل الاقتصاد والاستثمار، حتى أصبح المنتدى موعدًا سنويًا تنتظره الأوساط الاقتصادية الدولية، ومنصة يلتقي فيها صانعو الثروة والفكر لاستشراف العقود المقبلة من الاستثمار والنمو. وفي كل عام تتوجه بوصلة النقاش العالمي نحو ما تصنعه المملكة من نموذج متكامل للتنمية المستدامة، يقوم على الشراكة والتنوّع، ويرتكز على ثقةٍ بالمستقبل الذي تُصاغ ملامحه بعقول أبناء الوطن وبخبرات العالم. وتتجلّى رؤية المملكة في دعمها المتواصل لقطاع الاستثمار، عبر الاستراتيجية الوطنية التي تستهدف رفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى نحو 388 مليار ريال سنويًا، وتعزيز الاستثمار المحلي ليبلغ 1.7 تريليون ريال بحلول عام 2030م، وهذه الأرقام تعكس طموحًا لا يقف عند حدود، ورؤية تؤمن بأن بناء الاقتصاد لا يتحقق إلا بتوسيع الآفاق أمام الشركاء والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم. جاء المنتدى في نسخته التاسعة بشعار «مفتاح الازدهار.. فتح آفاق جديدة للنمو»، ويجمع أكثر من عشرين رئيس دولة، إلى جانب قادة الشركات العالمية وصناديق الاستثمار الكبرى، في حوارٍ يلامس التحولات العالمية الراهنة ويبحث عن سبل التوازن بين الطموح الاقتصادي والمسؤولية الإنسانية، وتؤكد المشاركة الواسعة المكانة الدولية للمملكة، كمركز مؤثر في صياغة مستقبل الاقتصاد العالمي، وكمنصة تُبنى عليها التحالفات وتُستولد منها المبادرات. ولعلّ من أبرز ما ميّز دورة هذا العام، تخصيص جلسة رئيسة لبحث مستقبل الاقتصاد السوري واستضافة فخامة الرئيس أحمد الشرع، في أول مشاركة له بعد بداية العهد الجديد، بما يعكس التزام المملكة الراسخ بدعم الأشقاء في سوريا، وإيمانها بأن تعافي هذا الاقتصاد جزء من استقرار المنطقة وازدهارها. وجسّد حضور سمو ولي العهد لهذه الجلسة حرصه على توحيد الجهود الإقليمية والدولية لمساندة الحكومة السورية والشعب السوري في تجاوز التحديات الاقتصادية وإعادة بناء البنية التنموية.وكانت المملكة قد قادت جهودًا دبلوماسية نشطة لرفع العقوبات عن سوريا، تُوّجت بإعلان الرئيس الأمريكي رفع العقوبات استجابة لطلب سمو ولي العهد، في خطوة تؤكد المكانة القيادية التي باتت المملكة تحتلها في منظومة صنع القرار الدولي. كما امتدت مبادراتها لتشمل دعم الرواتب، وسداد المتأخرات السورية لدى البنك الدولي، وتقديم مساعدات نفطية سخية تجاوزت مليونًا وستمائة ألف برميل من الخام. وهكذا تمسك السعودية بمفتاح الازدهار، لا لنفسها فحسب، بل لأمتها وللعالم.. فمن الرياض تُفتح الأبواب، وتُضاء الطرق التي تقود إلى مستقبلٍ أكثر اتزانًا وإنسانية، حيث الاقتصاد ليس غايةً في ذاته، بل وسيلةٌ لبناء عالمٍ أكثر ازدهارًا وعدلاً وكرامةً للإنسان.