من الثوابت الحاسمة في مسارات الرؤية الوطنية أن المشهد الثقافي في المملكة يشهد تحولات جذرية وتفاعل مستمر مقترن بالطابع العالمي وضمن منظومة متكاملة تدعم الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، ومن جهات مختلفة سواء كانت جهات حكومية أو قطاع خاص، ومع كل المستثمرين وكذا الممارسين والمبدعين، وكل المهتمين بالشأن الثقافي داخل المملكة وخارجها، حيث تسعى وزارة الثقافة إلى تنظيم موتر دولي وبرعاية كريمة من سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- تحت مسمى مؤتمر (الاستثمار الثقافي) خلال الفترة 29 إلى 30 من سبتمبر الجاري، ولاشك أن مثل هذه المؤتمرات لها دور كبير في بعث كل الأبعاد الثقافية التي تتمرحل بين المراحل والحقب التاريخية المختلفة التي عاشتها الجزيرة العربية، في تحولات مغايرة ومختلفة كان آخر محطاتها توحيد هذا الكيان العظيم على يد القائد المؤسس -طيب الله ثراه-، ليحصل هذا التحول الكبير حيث أصبحت المملكة ضمن منظمة العشرين الأكبر اقتصادا في العالم، وتجسد ذلك في حضور عالمي في اتجاه سياسي واقتصادي، واليوم يبرز القطاع الثقافي بشكل لافت بحنكة ومتابعة من سمو ولي العهد -يحفظه الله- ليكون مسارا ثالثا رديفا للمسارات السابقة مما يجعل المملكة تحضر في الأروقة الدولية والمنظمات الأممية بالجانب الثقافي كمسار هام في العلاقات الإنسانية والتواصل الحضاري بأدوات محاطة بسياج قوي بمجموعة من القيم والمثل العليا التي تتمثل في ثقافتنا وقيمنا وعاداتنا، وما هذا المؤتمر إلا احد ابرز المبادرات النوعية التي تنظمها مشكورة وزارة الثقافة، وبمتابعة حثيثة من لدن صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة حيث يولى سموه اهتماما كبيرا بالاقتصاد الفني والإبداعي، بغية رفع الإسهامات الثقافية في الناتج القومي للمملكة مع زيادة منافذ الشغل وفق ما تتسع عليه الجوانب الثقافية لهذا الوطن المعطاء في ظل القيادة الرشيدة وفقها الله، وهنا تمكن حالة الوعي الثقافي باعتبار أن الثقافة في المملكة تتجاوز بعدها الترفيهي إلى جوانب مختلفة ومتعددة ومنها الجوانب الاقتصادية والتنمية المستدامة، إلى جانب ذلك فان من شان ثقافتنا أن تعزز الهوية في صفوف النشء والأجيال الصاعدة، وكذا تحفز على استقلال الشخصية، وتجعلها تتفرد عن غيرها في كل ملامحها العامة، بدء بالبيئة التي تعكس تاريخ وتراث المملكة في المعارض والمؤتمرات والساحات المختلفة وغيرها، وكذا الأزياء وأنماط الهيئة العامة من ملابس وحلي بطابعها الأصيل، التي تتميز بدمج الأصالة بالمعاصرة مع سلوك حضاري متبع للمجتمع من صفات حميدة عرف بها إنسان الجزيرة العربية والإنسان السعودي، ما يعني أن المؤتمر لفتة حضارية تضع المملكة في الناصية نحو هذا العالم ومناسبة مواتية ذات طابع عالمي كونه سيجمع الأطراف الثقافية من جميع الجهات الحكومية والخاصة مما يجعل حالة التنامي مستمرة كل عام لرفع الإسهامات والمشاركات الثقافية بشكل أفقي وشامل. الجدير بالذكر أن مؤتمر الاستثمار الثقافي سينطلق في دورته الأولى بالرياض خلال الفترة في سبتمبر الجاري وفي موعده المحدد لبحث التوجهات المستقبلية للاستثمار الثقافي والإنتاج الإبداعي، وفقا لمنظور تنمية مستدامة كما تنشدها الرؤية المباركة وكما تحددها إحدى ركائزها الثلاث (اقتصاد مزدهر) التي تسعى لخلق بيئة داعمة للنمو الاقتصادي وتعزيز ريادة الأعمال ضمن منطلقات المستقبل الواعد، وهذا التوجه يأتي في ظل النمو المتسارع للقطاع الثقافي في السعودية، كونها تملك مقومات مشجعة لصناعة الاستثمار، وكذا تكتنز جوانب ثقافية متنوعة على امتداد هذا الوطن، وتكتسب أهمية كبرى لدى العالم لاعتبارات قد يطول شرحها وهي جديرة بان تكون ضمن المشهد الثقافي العام في المملكة وبالضرورة أن نشارك بها الأمم، لتعزيز التفاهم والتعايش الثقافي العالمي، لاسيما ونحن في بواكير فجر ألف فاضل جديد. والى لقاء.