تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، تشهد الرياض يومي 29 و30 سبتمبر الجاري انعقاد النسخة الأولى من مؤتمر الاستثمار الثقافي في مركز الملك فهد الثقافي، بتنظيم وزارة الثقافة. ويمثل المؤتمر بداية حركة عالمية ترسخ مكانة الثقافة كقوة دبلوماسية واقتصادية، حيث ستُعقد أكثر من 35 جلسة حوارية بمشاركة 150 متحدثًا و1500 مشارك من القارات الخمس، يمثلون مستثمرين، صناديق استثمار، مؤسسات ثقافية، مانحين، وفنانين ورواد أعمال إبداعيين، وستتناول النقاشات قضايا تمويل الثقافة، دور العمل الخيري، نماذج التمويل المبتكرة مثل السندات الثقافية، إضافة إلى تعزيز الشراكات العابرة للحدود. وبانطلاقه من الرياض، يتحول مؤتمر الاستثمار الثقافي إلى منصة مرجعية لصياغة مستقبل الاستثمار الثقافي عالميًا، حيث لا تُناقش الأفكار فحسب، بل تُطلق شراكات واتفاقيات عملية، تُعزز مكانة المملكة وتفتح أمام العالم طريقًا نحو اقتصاد ثقافي أكثر حيوية وابتكارًا واستدامة. ويأتي المؤتمر بوصفه منصة عالمية لإعادة تعريف الثقافة كأصل اقتصادي واستثماري يوفر عوائد قابلة للقياس، ويعزز من مرونة المجتمعات، ويؤسس لمسار جديد من النمو العالمي المستدام، في وقت يشهد فيه العالم تراجعًا في دعم الصناعات الإبداعية، حيث يسعى المؤتمر إلى إحياء الاستثمار الثقافي كأحد أكثر أشكال الاستثمار تأثيرًا، لتعود الثقافة كقوة اقتصادية تدر عوائد مباشرة، وتفتح فرص عمل، وتعزز السياحة. وتتقدم المملكة لتقود هذا التحول العالمي، مستندة إلى رؤية 2030 التي وضعت الثقافة في قلب التنمية، فالمملكة تهدف إلى رفع مساهمة القطاع الثقافي إلى 3 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العقد، أي ما يعادل 48 مليار دولار، فمن خلال مبادرات مثل صندوق التنمية الثقافية، واستضافة فعاليات كبرى تتحول المملكة إلى منصة تجريبية ديناميكية لنماذج التمويل المبتكرة، ومركز إقليمي لرأس المال الثقافي يربط بين المستثمرين والقطاعين العام والخاص، وهذه المكانة ترسخ المملكة كقوة رائدة ومُحفز عالمي للاستثمار الثقافي. ويسير مؤتمر الاستثمار الثقافي في خط متصل يبدأ من إبراز ثراء الثقافة كرافعة اقتصادية قادرة على خلق الوظائف وتعزيز الهوية الوطنية، ويمر عبر تنمية رأس المال الثقافي بتطوير أدوات التمويل الذكية لتقليل المخاطر وتعظيم العائد، ليصل إلى الثقافة كجسر عالمي يعزز الحوار والدبلوماسية الثقافية، ويربط بين الشعوب عبر الفنون والمشاريع المشتركة. وعلى هامش المؤتمر، ستُعلن سلسلة من الاتفاقيات النوعية التي تجسد التحول نحو تمكين الاستثمار الثقافي، ويسعى إلى أن يُبرز المؤتمر مكانة المملكة بوصفها مركزًا صاعدًا لرأس المال الثقافي، وقوة مؤثرة في إعادة تعريف العلاقة بين الثقافة والاقتصاد، عبر مبادرات مبتكرة مثل التمويل المدمج، وسندات الاقتصاد الإبداعي، والشراكات العابرة للحدود. ويُعقد المؤتمر في لحظة فارقة تشهد فيها المملكة نموًا غير مسبوق للقطاع الثقافي، انعكس في إصدار أكثر من تسعة آلاف ترخيص لممارسين محترفين، وقفزة نوعية في عدد الجمعيات والمؤسسات والأندية الثقافية من 28 فقط في عام 2017 إلى 993 في عام 2024. وإلى جانب هذه الديناميكية، وفرت المنظومة الثقافية بقيادة وزارة الثقافة حوافز إنتاجية وحلولاً تأمينية مبتكرة أسهمت في بناء بيئة استثمارية جاذبة. وبذلك يمضي القطاع بخطى واثقة نحو صناعة ثقافية مستدامة، تُعزز الاقتصاد الإبداعي السعودي، وتمنحه موقعًا متقدمًا في خارطة الاقتصاد الثقافي العالمي.