أطلق الملياردير الأمريكي ومؤسس شركة مايكروسوفت، بيل غيتس، توقعات جريئة تُنذر بحدوث تحول جذري في طبيعة العمل على مستوى العالم، مشيرًا إلى أن التطورات الهائلة والسريعة في مجال الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى تقليص أيام العمل الأسبوعية لتصبح يومين فقط في غضون العقد المقبل. وصرّح غيتس بأن التكنولوجيا الذكية ستحل محل البشر في «غالبية الوظائف» بحلول عام 2034، وذلك وفقًا لما كشف عنه خلال ظهور تلفزيوني ومناقشات أخرى أجراها مؤخرًا. الذكاء الحر وأوضح غيتس أن هذا التحول سيُدخل العالم في عصر جديد من «الذكاء الحر» (FREE INTELLIGENCE)، الذي سيعمل على إضفاء الطابع الديمقراطي على المعرفة المتخصصة، حيث سيمكن الذكاء الاصطناعي من حل المشاكل الأساسية المتعلقة ب«صناعة الأشياء ونقلها وزراعة الغذاء»، واصفًا هذه المشكلات بأنها ستكون «محلولة أساسًا بمرور الوقت». ومع ذلك، أقر غيتس بأن هذه القفزة النوعية تثير معضلات عميقة، حيث قال: «إنه أمر عميق جدًا لأنه يحل جميع هذه المشاكل المحددة، مثل عدم توفر عدد كافٍ من الأطباء أو المتخصصين في الصحة العقلية، لكنه يجلب معه الكثير من التغيير». وأضاف متسائلًا: «كيف ستكون طبيعة الوظائف؟ هل يجب أن نعمل يومين أو ثلاثة أيام فقط في الأسبوع؟». تحذيرات أخلاقية لم تقتصر التنبؤات على التفاؤل التكنولوجي؛ بل تضمنت تحذيرات من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية، فقد سلط غيتس الضوء على أن القليل جدًا من المهن ستنجو من تدقيق الذكاء الاصطناعي، باستثناء الأنشطة التي يفضل البشر الاحتفاظ بها لأنفسهم، مثل مشاهدة البشر وهم يمارسون رياضة البيسبول بدلًا من مشاهدة الحواسيب. وفي السياق ذاته، نقلت تقارير عن تحذيرات أطلقها جيفري هينتون، الذي يُلقب ب«العرّاب الروحي للذكاء الاصطناعي»، حيث نبه إلى أن هذا التطور، على الرغم من الزيادة الهائلة في الإنتاجية، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التفاوت في الثروة، ما يزيد الفجوة بين الشركات الكبرى والأثرياء وبين العمال الذين يفقدون وظائفهم. وحذّر هينتون من أن هذا التباين يخلق «أرضًا خصبة للفاشية». تجارب عالمية تأتي توقعات غيتس في وقت يشهد فيه العالم اهتمامًا متزايدًا بتقليص ساعات العمل، ففي عام 2023، اختبرت شركات عالمية، مثل شركة «إكسوس» للتدريب، جدول عمل لأربعة أيام، وسجلت نتائج مفاجئة تمثلت في زيادة الإنتاجية بنسبة 24 % وانخفاض إجهاد الموظفين إلى النصف، كما طبقت حكومة طوكيو في اليابان نظام الأربعة أيام لموظفيها في محاولة لمكافحة ظاهرة «كاروشي» (الموت من الإفراط في العمل) وزيادة معدلات المواليد.