اقتربت أوروبا من سرقة الأموال الروسية، وذلك على النحو الذي عمله البلاشفة الشيوعيون بعد استلامهم السلطة في روسيا بعد ثورة 1917- عندما قرروا تأميم البنوك، التي كان 50 % منها مملوكاً لأوروبا، دون تعويض- وذلك في أكبر سرقة لأموال الغير في القرن العشرين. إن الاتحاد الأوروبي، ويا لي سخرية القدر، يتصرف الآن على نحو مماثل، في أكبر عملية سرقة في القرن الواحد والعشرين، عندما قرروا استخدام الأصول الروسية وفقاً لرغبتهم- أي تأميمها دون تعويض. وهي احتياطات ضخمة تصل إلى ما يقارب نصف احتياطيات النقد الأجنبي الروسي، والتي يصل حجمها إلى نحو 300 مليار يورو، منها أكثر من 200 مليار يورو في الاتحاد الأوروبي. ومعظمها مودع في حسابات أحد أكبر أنظمة المقاصة والتسوية في العالم Euroclear البلجيكي. ولذلك نلاحظ محاولة بلجيكا، تعطيل، أو بالأصح تحذير المسؤولين الأوربيين والمفوضية الأوروبية، التي تعمل تحت إمرة أورسولا فون دير لاين، من مغبة مصادرة الأموال الروسية المجمدة واستخدامها لدعم أوكرانيا، وذلك لعدم رغبة بلجيكيا في تحمل المخاطر الناجمة عن سرقة الأموال الروسية وحدها. فهي تدعوا الجميع- أي الاتحاد الأوروبي- إلى تحمل المسؤولية. وبهذا ترد بلجيكا على اقتراح المستشار الألماني فريدريش ميرز باستخدام الأصول الروسية المجمدة وتقديم قروض لأوكرانيا بنحو 140 مليار يورو دون فوائد . فالاتحاد الأوروبي قد مهد لذلك. ففي بداية هذا الشهر، أعلنت المفوضية الأوروبية: أن الاتحاد الأوروبي حول 14 مليار يورو إلى أوكرانيا من عائدات الأموال الروسية المجمدة في الفترة من يناير إلى سبتمبر 2025- ولكن دون المساس حتى الآن بالأصول. إن أوروبا تخشى ليس فقط من رفع روسيا دعاوى ضدها، وإنما أيضا من ردها الانتقامي على نحو مماثل. فروسيا عندما جمدت أصولها المالية عام 2022 ردت، بتجميع أصول المستثمرين من البلدان المجمدة لأصولها في حسابات خاصة من النوع «C»- والتي لا يمكن سحبها إلا بقرار من لجنة حكومية خاصة. ولذلك، فإن سرقة الأموال الروسية من قبل الاتحاد الأوروبي، ربما تواجهها روسيا بمصادرة الأصول الأوروبية في روسيا وعلى رأسها الأصول البلجيكية. إن جميع العالم يتابع فصول سرقة العصر، خاصة الاندفاع الألماني في هذا الاتجاه وتحمس المستشار الجديد ميرز، الذي لمح الرئيس الأميركي خلال اللقاء الذي تم معه في البيت الأبيض في يونيو الماضي، والذي صادف الاحتفال بذكرى الانتصار الأمريكي على ألمانيا عام 1945، إلى احتمال تعاطفه مع النازية، عندما أشار وهو يوجّه الكلام إليه، بأن ذلك اليوم «يوما سيئاً لألمانيا». فمن المعروف إن النازيين الألمان هم وحدهم من يعتبرن الانتصار الأميركي على ألمانيا يوم سيئ لهم. وعلى أية حال، فإن هناك في أوروبا، وخصوصاً في ألمانيا من يشبه البلاشفة بالنازيين.