على مدى عقد من الزمن بين 2015 و2025، شهد القطاع الخاص السعودي مرحلة اقتصادية استثنائية، صامدا في وجه الصدمات، ومستوعبًا للجوائح العالمية، مرنًا، راسمًا ثقة الاستثمار العالمي في أدوات السياسات الاقتصادية السعودية. كل تلك الصور الاقتصادية جسدها المؤشر المركب لدورة الأعمال التجارية MEPX كمرآة دقيقة لمسار الاقتصاد الوطني. فقد انتقل المؤشر من +1.62 نقطة في الربع الأول 2015، إلى انخفاض حاد –0.96 نقطة في 2016 نتيجة هبوط أسعار النفط، ثم صدمة غير مسبوقة –1.55 نقطة في 2020 مع جائحة كورونا العالمية، قبل أن يعود بسرعة إلى المنطقة الإيجابية، ويستقر في 2024 – 2025 عند +0.50 – +0.58 نقطة، مما يعكس نضج بيئة الأعمال، ومرونة السوق، وتزايد ثقة المسثمر الأجنبي. في الوقت الذي تشير إليه التوقعات في 2026 إلى تجاوز المؤشر +0.65 نقطة، ما يضع الاقتصاد السعودي على مسار مستدام للنمو، مدعوماً بالإصلاحات الهيكلية، وتنويع مصادر الدخل، والابتكار في القطاعات الحيوية. وذلك بناءً على تحليل بيانات ونتائج تقرير حديث للمؤشر المركب لدورة الأعمال التجارية للقطاع الخاص والصادر عن وزارة الاقتصاد والتخطيط. قمم وصدمات على مدار عقد كامل، تحرك المؤشر المركب لدورة الأعمال التجارية MEPX بين قمم تاريخية، ومنعطفات حادة، وصدمات عالمية، لكنه أظهر مرونة غير مسبوقة في التعافي، واستفاد من التحولات الهيكلية لرؤية 2030. ويتيح المؤشر الآن قياس نضج بيئة الأعمال وقدرتها على توليد فرص استثمارية مستدامة. شكل عام 2015 قمة تاريخية للمؤشر عند +1.62 نقطة، مدفوعًا بالإنفاق الاستثماري الضخم، وطفرة مشاريع البنية التحتية، والتعافي النسبي للأسواق العالمية. ومع بداية 2016، وللانخفاض الحاد في أسعار النفط سجل المؤشر –0.96 نقطة في الربع الثالث، ما أجبر القطاع الخاص على إعادة هيكلة استثماراته، والبحث عن مصادر نمو متنوعة، وإعادة توجيه السيولة نحو القطاعات الأقل تأثرًا بالتقلبات العالمية. مرحلة ما قبل الجائحة خلال الفترة 2017 2019، شهد المؤشر حركة متوازنة داخل نطاق إيجابي محدود بين +0.10 و+0.45 نقطة، مدفوعًا ببرامج الإصلاح الاقتصادي، وتحديث سياسات السوق، وتعزيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وانعكس الاستقرار على بيئة الأعمال، فبدأت مؤشرات الإنتاجية والتحول الرقمي في القطاعات غير النفطية تعكس ثقة تدريجية بالاقتصاد الوطني. ومع نهاية 2019، ارتفع المؤشر إلى +0.40 نقطة تقريبًا، ممهدًا لدخول مرحلة اختبار عالمي مع تفشي الجائحة. وشكل عام 2020 تحديًا غير مسبوق، حيث سجل المؤشر أدنى مستوياته عند –1.55 نقطة في الربع الثالث، نتيجة الإغلاقات، وتعطل سلاسل الإمداد، وتراجع الطلب العالمي. لكن اللافت هو سرعة التعافي، إذ احتاج المؤشر ثلاثة أرباع فقط للعودة إلى المنطقة الإيجابية، مقابل سبعة أرباع بعد أزمة 2016، ما يعكس فعالية السياسات المالية والنقدية وتأثير برامج الدولة لدعم القطاع الخاص، والتوسع في الرقمنة، وارتفاع مرونة السوق. وبحلول نهاية 2021، استقر المؤشر عند +0.22 نقطة، ليدل على قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات وتحويلها إلى فرص للنمو. مرحلة النضج الاقتصادي منذ مطلع 2022، دخل الاقتصاد الوطني مرحلة جديدة من النضج. فقد سجل المؤشر مستويات مستقرة بين +0.30 و+0.47 نقطة، مدفوعًا بزخم المشاريع الكبرى، وارتفاع نسب تمويل الاستثمارات، وتوسع القطاعات غير النفطية، وبشكل خاص الصناعة، التقنية، والسياحة. كما انعكس النمو على الخدمات المالية والتجارة والخدمات اللوجستية، فساعدت هذه القطاعات بزيادة جاذبية السوق المحلي وتسهيل تدفقات رأس المال. عام الاستدامة شكل العام الجاري 2025 نقطة تحول، مع متوسط مؤشري قدره +0.58 نقطة، وتقلبات محدودة لا تتجاوز ±0.03 نقطة. ويعكس هذا العام نضجًا هيكليًا في بيئة الأعمال، واستمرار تأثير رؤية 2030 في تعزيز تنويع الاقتصاد الوطني. ولعبت المشاريع الكبرى، وتوسع المناطق الاقتصادية، وارتفاع المحتوى المحلي، دورًا محوريًا في تعزيز الثقة بالقطاع الخاص وإتاحة بيئة أعمال مستقرة. نحو النمو المستدام بناءً على تحليل اتجاهات 2015 – 2025 ودمج 16 مؤشرًا اقتصاديًا، يُتوقع خبراء اقتصاديون بأن يرتفع مؤشر المركب لدورة الأعمال التجارية MEPX في 2026 إلى +0.65–+0.68 نقطة، مع استمرار الدفع بعوامل النمو الأساسية: التوسع الصناعي وزيادة الإنتاجية، تحسن البيئة التمويلية، جذب الاستثمارات الأجنبية، تعزيز الرقمنة واللوجستيات، واستقرار أسواق الطاقة والتجارة العالمية. القطاعات الأكثر تأثرًا أظهر تحليل البيانات أن القطاعات الصناعية والمالية كانت الأكثر تأثرًا بتقلبات المؤشر، فالصناعة سجلت حساسية عالية وسرعة استجابة ضمن 2 – 3 أشهر، ما جعلها المحرك الرئيس للنمو، بينما أظهرت التجارة مرونة متوسطة مع استجابة بطيئة نسبياً تتراوح بين 4 – 6 أشهر، مما تطلب تحسين بيئة الأعمال. أما الخدمات، فقد عكست تأثيرًا منخفضًا مع استجابة طويلة الأمد، بينما أسهم القطاع العقاري بشكل محدود، لكنه أثّر في استقرار المعنويات الاقتصادية. يوضح هذا التوزيع كيف تتفاعل القطاعات المختلفة مع الصدمات الاقتصادية، وماهية القطاعات التي تحتاج إلى دعم تحفيزي مستمر، مقابل تلك التي يمكنها الاستفادة من السياسات العامة للنمو. تباين مناطقي بين المناطق الاقتصادية في المملكة تفاوتت استجابة النشاط الخاص لتقلبات السوق. سجلت مناطق مثل الرياض، جدة، والمنطقة الشرقية مؤشرات إيجابية أعلى، نظرًا لتركيز الاستثمارات الكبرى وتوافر بنية تحتية متطورة، بينما تأثرت المناطق الجنوبية والغربية بشكل أكثر تقلبًا، نتيجة قلة المشاريع الكبيرة واعتمادها على قطاع محدد من الأعمال. وتعكس هذه الفروقات أهمية وضع سياسات إقليمية متوازنة، لتعزيز النمو في المناطق الأقل نشاطًا، وتحفيز تدفقات استثمارية جديدة تضمن توازنًا في الأداء الاقتصادي الوطني. المسار التاريخي ل 10 أعوام قمة تاريخية: 1Q 2015 عند +1.62 منعطف النفط: 3Q 2016 عند –0.96 صدمة الجائحة: 3Q 2020 عند –1.55 العودة للإيجابية: 4Q 2021 عند +0.22 مرحلة النضج: متوسط 2023 عند +0.45 عام الاستدامة: متوسط 2025 عند +0.58 توقع 2026: متوسط +0.65 – +0.68 عوامل محفّزة متوقعة في 2026 التمويل اللوجستيات الاستثمار الأجنبي الإنتاجية