يُعدُّ التعليم حجر أساس في تقدّم الأمم ونهضتها، وهو أداة لتحقيق التنمية المستدامة عبر سياسات وخطط وبرامج تهدف لضمان تكافؤ فرص التعليم للجميع، وتعزيز التعلم مدى الحياة؛ إذ يركز التعليم على ترسيخ المبادئ والقيم الوطنية، وتحسين نواتج التعلم، والاعتناء بالبيئة المدرسية. ومن هذا المنطلق، تسعى وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية من خلال مؤسساتها التعليمية إلى تحقيق أهداف متعددة، من بينها تخريج أجيال لديها القدرة على اكتساب العلم بمجالاته المختلفة، والانخراط في سوق العمل، إلى جانب تعزيز الهوية الوطنية والقيم، وتنمية مهارات التفكير الناقد والتعلم الذاتي. يتزامن ذلك مع مواكبة التغيرات العالمية عبر توفير بيئات تعليمية حديثة وتقنيات متطورة، وبناء جيل قادر على الإسهام في تنمية المجتمع اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا. كما تركز المدارس على تطوير مهارات حل المشكلات وصقل الاتجاهات السلوكية الإيجابية، فضلًا عن إعداد الطلاب ليكونوا أعضاء فاعلين ومبدعين في المجتمع. ولتحقيق هذه الأهداف، يتطلب الأمر عملية تقويم شاملة لمخرجات التعليم وعملياته، لضمان الجودة وتلبية احتياجات سوق العمل، فضلًا عن تعزيز الهوية الوطنية وقيمها. وفي هذا السياق، تبنت هيئة تقويم التعليم والتدريب برامج نوعية عدة، أحدها «اختبارات نافس الوطنية»، التي تقيس مستوى تحصيل الطلاب في مدارس المملكة بالمجالات الأساسية كالقراءة، والعلوم، والرياضيات. وتساعد نتائج هذه الاختبارات صناع القرار على اتخاذ قرارات مدروسة لتحسين جودة التعليم بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 وبرنامج تنمية القدرات البشرية، مع التركيز على رفع كفاءة مخرجات التعليم، ووضع خطط علاجية للطلاب والمعلمين، وتحسين أساليب التدريس الحديثة. بالإضافة إلى ذلك، يُعدُّ برنامج «التقويم والاعتماد المدرسي» عملية تشخيصية منتظمة تهدف إلى تقييم أداء المدارس، وتحليل جوانب القوة، وفرص التطوير فيها. ويعتمد هذا البرنامج على معايير محددة لتقويم الأداء بما يشمل الفاعلية، والكفاءة، والأثر المستدام، وهو أحد آليات تحسين جودة التعليم، وأحد ركائز التطوير التعليمي. ويسهم هذا البرنامج في نشر ثقافة التقويم الذاتي بين المدارس، ويعطي قيمة مضافة عبر تشخيص واقع الأداء التعليمي والمؤسساتي، فالاعتماد المدرسي يُمثل اعترافًا رسميًا يُمنح للمدارس التي تستوفي المعايير المطلوبة، ويشمل ثلاث مراحل رئيسة: التهيئة والترشيح، والتقويم الذاتي والخارجي، ومنح الاعتماد الكامل لخمسة أعوام أو المشروط لعامين. هذه البرامج وغيرها تتناول أداء المدارس وعمليات التدريس بطرق معيارية، لضمان الشفافية ودقة التقييم، بما يسهم في تحسين جودة التعليم وتطويره بصورة مستدامة، فاختبارات نافس وبرنامج التقويم والاعتماد المدرسي يلعبان دورًا كبيرًا في تقييم المناهج التعليمية والممارسات التدريسية بشكل عام؛ مما يجعل منهجية التطوير أكثر عدالة وشفافية. ومن هنا، نطمح إلى بناء نموذج سعودي عالمي ريادي لتقويم المدارس ومخرجاتها، بما يعكس تطلعات القيادة الرشيدة ورؤية المملكة المستقبلية، فالتعليم هو عماد التنمية، وهو ركيزة أساسية في نهضة الوطن وتقدمه.