شهادتي في الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، أمير منطقة نجران الجديد.. مجروحة. ليس لأني عرفته عن قرب، خلال فترة عملي بالمنطقة الشرقية رئيسا لتحرير صحيفة (اليوم)، حيث كان نائبا لأميرها، وظل طيلة سنوات عديدة مخلصا في مهمته الوطنية، ولكن لأني أزعم أني رأيت فيه نموذجا رائعا للتعامل الإنساني، والحنكة الإدارية، واستطاع بحسه الوطني العالي أن يجسد روح المواطن السعودي، قبل أن يكون الإداري المسؤول. في كثير من اللحظات، كنت اقرأ في عيون هذا الرجل طموحات كبيرة، وجاءت الثقة الملكية السامية بتعيينه أميرا لمنطقة نجران لتضع الأمير جلوي في موقع المسؤول المباشر، في منطقة عزيزة من مناطق وطننا، بموقعها الجغرافي الحساس، وحاجتها الماسة لمن يجعل منها جسرا من وإلى الوطن الكبير. ولن أبالغ إذا قلت إن الأمير جلوي قادر، بأسلوبه وطريقته وهدوئه وحزمه وشجاعته، على أن يكون لسان ووجه أهالي نجران الأعزاء، بمثل ما كان وربما أكثر في المنطقة الشرقية، وكلامي هذا ليس من منطلق الأمنيات، ولكنه من منطلق المعايشة والاقتراب من سموه الكريم، الذي كان بمثابة الناصح والموجه، قبل أن يكون المسؤول، والمواطن قبل أن يكون الحاكم، والأخ المحب قبل أن يكون الإداري الناجح. خلال سنوات قضيتها في المنطقة الشرقية، نجح الأمير جلوي في أن يرسم لنفسه صورة مميزة في ذهن العامة، ونجح في مد جسور ثقة وتواضع وطيبة، مع كل مواطن يلجأ إليه أو يزوره، ونجح أكثر في مشاركاته المتعددة، لكثير من المواطنين في مناسباتهم المفرحة والمحزنة.. باختصار كان الشريك الأول للهم العام، صاحب البسمة الدائمة في كل الأوقات، بمثل ما هو صاحب اليد الحانية في الملمات. خلال سنوات اقتربت فيها منه، وجدت فيه العديد من الصفات الكريمة، التي تحتاج لإسهاب طويل، وأعترف أني ما لجأت إليه في أمر، إلا وكان مستمعا بإصغاء، وموجها بإخلاص، ومعبرا عن رأيه بأمانة، وهكذا كان حاله مع كل من يزوره أو يلجأ إليه. وأنا، إذ أثق في أن أهالي المنطقة الشرقية الذين عايشوا رحلة الأمير جلوي معهم، بقدر ما هم شديدو الألم لمغادرته موقعه في إمارتهم، إلا أنهم أيضا شديدو الامتنان لسموه، ومن أكثر المهنئين له بالثقة الملكية السامية به، وأعتقد أنهم مثلي تماما، سيحتفظون له بموقعه في القلب منهم، مثلما سيكون في القلب في نجران.. فخر هذا الوطن الكبير.