وُصِف المطبخ في وقت من الأوقات بأنه المكان الذي يبدأ فيه الطريق إلى قلب الرجل، وذلك من خلال المثل الشائع أن (أقرب طريق لقلب الرجل معدته)، وكانت مهارة المرأة تبدأ من داخل هذا المكان الذي يتم فيه طهي المأكولات بكافة أصنافها، ولكن يبدو أن فتيات اليوم ابتعدن كثيراً عن هذا المكان المزدحم بالوصفات وعلب البهارات، وغابت رائحة الطهي بسبب هجرة المطبخ والاعتماد على أكل المطاعم أو بعض الأطباق التي تأتي من أم الزوج أو أم الزوجة والتباهي بهذا الغياب أمام الصديقات بحجة أن رجل اليوم ليس هو رجل الأمس الذي يحب الأكلات الدسمة ويعشق الرائحة المنبعثة من القلي والشوي وتحميص البهارات. وفي شهر رمضان نلاحظ كثافة الإعلانات عن المعجنات والحلويات (المفرزنة) من قبل الأسر المنتجة أو المطاعم وفي المقابل نجد إعلانات من بعض الأسر عن حاجتهم لطبّاخة خلال شهر رمضان تقوم بتجهيز المأكولات التي يتميز بها شهر رمضان إما بالإقامة في منزل العائلة أو بإرسال الوجبات إلى البيت بشكل يومي. الدكتورة سحر رجب المستشارة الأسرية علقت قائلة: إن تغير إيقاع الحياة الذي يعيشه الشباب والشابات في بيوت عائلاتهم وغياب دور الأم الرئيسي في تهيئة ابنتها للحياة الزوجية وتحملها المسؤولية أوجد زوجات اتكاليات يعتمدن على الوجبات السريعة والأسر المنتجة لسد فراغهم في المطبخ، والأزواج بعضهم يكون مضطراً لتقصير زوجته في هذا الجانب ربما بسبب الاتفاق المسبق بينهم خلال فترة الخطوبة والتي تكون في العادة، هذه الفترة تكون مزدحمة بالوعود الوردية والتي تتلاشي بعد الزواج، والمشكلة أن هذا التقصير قد يكون سبباً لنهاية الحياة الزوجية، لافتة إلى أن بعض الفتيات يشترطن وجود عاملة منزلية وطبّاخة تتقن فنون الطهي وفي العادة تكون رواتبهن مرتفعة والشباب المبتدئون رواتبهم ضعيفة، متسائلة كيف يمكن لهذا الراتب أن يغطي المصروفات الكثيرة لهذه الزوجة والتي تجعل زوجها مثقلاً بالهموم وفي حال وجود أطفال، هل الوجبات السريعة كفيلة ببناء صحتهم؟ وأضافت.. للأسف حتى الزوجة التي تقوم بالطبخ تجد أحياناً الملامة من بعض الصديقات وأحياناً السخرية منها وينصحونها بعدم المبالغة بالظهور بمثالية وأن المطاعم وُجدت من أجل توفير الوجبات السريعة والتي أصبحت موضة العصر في ظل وجود التطبيقات التي تسهل وصول الوجبة في دقائق معدودة. من جانبها قالت الشيف صالحة الشهري: إن الإقبال على الوجبات المجمدة بمختلف أنواعها يزداد خاصة في شهر رمضان المبارك حتى تلك الأكلات التي يصعب تجميدها تفقد قيمتها الغذائية وطعمها مثل الشوربة والأرز بأنواعه تطلبها بعض السيدات المتزوجات بحجة أن الوقت ضيق في شهر رمضان وبعض الأسر خاصة الصغيرة تفضل تناول وجبة الإفطار في مطاعم الوجبات السريعة والتي تقدم عروضاً للوجبات مناسبة لذوي الدخل المحدود مما ساعد على الاعتماد الكلي على مثل هذا النوع من الطعام. ولفتت إلى وجود مشكلة يعيشها المجتمع بسبب غياب دور الأم في تعليم ابنتها أساسيات تحمل مسؤولية الزوج والحياة الزوجية بحجة الانشغال بالدراسة والعمل، وبعض الأمهات تضطر لتحمل مسؤولية ابنتها بعد الزواج من تجهيز الأكل والغسيل والكي وتربية الأحفاد حتى لا تصل حياة ابنتها إلى النهاية المؤسفة.