مجلس الشورى.. منبر الحكمة وتاريخ مضيء    الراية الخضراء    ثوابت راسخة ورؤية متجددة    فتح مسارات جديدة للنمو    النهج الأصيل    فن التسوق    الهجوم على الدوحة.. عدوان على مساعي السلام    الفاشر: مدينةُ تحوّلت إلى محكٍّ للمعركة والإنسانية    طرابزون سبور التركي يعلن التعاقد مع أونانا معارا من مانشستر يونايتد    العالم يترقب «دوري أبطال أوروبا» البطولة الأغلى والأقوى في العالم    د. بدر رجب: أنا اتحادي.. وأدعو جميل وبهجا لمنزلي    المملكة توزّع (797) سلة غذائية في أفغانستان    إحباط تهريب (53.7) كجم "حشيش" في جازان    التكامل بين الهُوية والاستثمار الثقافي    مها العتيبي.. شاعرة تُحاكي الروح وتكتب بوهج اللحظة    القيادة والاستثمار الثقافي    هبات تورث خصاماً صامتاً    سِيميَائِيَّةُ الأَضْوَاءِ وَتَدَاوُلِيَّتُهَا    حراسة المعنى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُعيد قدرة المشي لستينية بإجراء جراحة دقيقة لاستبدال مفصلي الركبة    كشف مبكر لمؤشرات ألزهايمر    تطابق لمنع ادعاء الانتساب للسعودية    غداً .. انطلاق الدوريات الممتازة للفئات السنية    خريطة لنهاية الحرب: خيارات أوكرانيا الصعبة بين الأرض والسلام    إدانات دولية واسعة للهجوم الإسرائيلي على قطر في مجلس الأمن    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الخطاب الملكي يؤكِّد على المبادئ الراسخة لهذه الدولة المباركة    الوفد الكشفي السعودي يبرز أصالة الموروث الشعبي في فعالية تبادل الثقافات بالجامبوري العالمي    أمين القصيم يوقع عقد صيانة شوارع في نطاق بلدية البصر بأكثر من 5,5 ملايين ريال    محافظ وادي الدواسر يستقبل الرئيس التنفيذي للمجلس التخصصي لجمعيات الأشخاص ذوي الإعاقة    امانة القصيم تطلق مهرجان الدليمية بعدد من الفعاليات والأنشطة في الحديقة العامة    بلباو يوضح مستجدات التعاقد مع لابورت من النصر    خلال تدشينه جمعية كافلين للأيتام بالمحافظة محافظ تيماء: خدمة الأيتام تتطلب فكرًا وعملًا تطوعياً    ⁨جودة التعليم واستدامته    250 مشروعًا رياديًا تتأهل إلى التصفيات النهائية لكأس العالم لريادة الأعمال بالرياض    «كشف النقاب» في لندن    المملكة تقدم للعالم جدول فعاليات استثنائي بمشاركة كريستيانو رونالدو    أمير منطقة جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة    الفتح يغادر إلى جدة لمواجهة الاتحاد .. وباتشيكو ينضم للتدريبات    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تطلق منصة التوازن العقاري لاستقبال طلبات المواطنين لشراء الأراضي السكنية    " كريري" يزور المدخلي للاطمئنان على صحته بعد نجاح عمليته الجراحية    غدا..إقامة الحفل الختامي لمهرجان ولي العهد للهجن في نسخته السابعة بميدان الطائف    منتدى المشاريع المستقبلية 2025 يثمن دور عين الرياض الرائد في دعم قطاعات الأعمال والمؤتمرات والسياحة والاستثمار    استمرار إنطلاقة مبادرة "إشراقة عين" بمركز الرعاية الأولية بالشقيق    محافظ الطائف يلتقي القنصل الامريكي رفيق منصور    نائب أمير منطقة تبوك يدشّن مشروع السكتة الدماغية الشامل بالمنطقة    الأخضر الشاب يتوج بطلاً لكأس الخليج تحت 20 عامًا بعد فوزه على اليمن    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    200 شخص اعتقلوا في أول يوم لحكومة لوكورنو.. احتجاجات واسعة في فرنسا    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    الشرع يترأس وفد بلاده.. سوريا تؤكد مشاركتها في القمة الروسية – العربية    منافسة نسائية في دراما رمضان 2026    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    مخالف الرعي في قبضة الأمن البيئي    هيئة الشرقية تنظّم "سبل الوقاية من الابتزاز"    نائب أمير المنطقة الشرقية: الخطاب الملكي الكريم خارطة طريق لمستقبلٍ مشرق    "الشيخوخة الصحية" يلفت أنظار زوار فعالية العلاج الطبيعي بسيهات    الهجوم الإسرائيلي في قطر يفضح تقاعس واشنطن ويغضب الخليج    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حاجتنا إلى الضمير الإنساني الحي
بقلم: عبدالرحيم نصار
نشر في الجزيرة يوم 11 - 05 - 2003

«سألني الزميل الصديق خالد المالك أن أكتب!! وأجبت: ماذا أكتب؟! قال: أكتب عن أي شيء.. قلت: أكتب عن حاجتنا الى الضمير الحي إذن!!».
يقول رينان:«الحقيقة هي الحقيقة دائما.. ولن تصبح ابداً غير ذلك إلا في حالات شاذة يكون الضمير خلالها في حالة غياب كامل».
ماذا نعني بقولنا: هذا الرجل بلا ضمير.. أو هذا الرجل ميت الضمير مثلا؟! وما هو هذا الضمير الذي يتحدث عنه الناس.. ولماذا يموت؟. وكيف يستيقظ ويبعث سوياً على أحسن حال؟!.
يؤكد علماء النفس ان الضمير الانساني يموت ويبعث أكثر من مرة وأنه هو الاحساس.. فإذا تبلد الحس مات الضمير.. وإذا وعى بعث حيا يؤيد الحق ويتلمسه ويبحث عنه أينما كان.. وبين وعي الحس وتبلده شعرة دقيقة جداً.. كالشعرة بين العقل والجنون..
ومن التجارب الكثيرة ثبت بشكل قاطع ان الماديات.. والمصالح الشخصية والأنانية.. والانحراف الخلقي.. والتربية السيئة هي العوامل الرئيسية التي تقتل الضمير في الانسان.. وان صدمة بسيطة تعيد «من يشاء الله اصلاحهم» الى الحقيقة والواقع والهدى، فإذا هم أناس أسوياء.. ذوو ضمائر حية من بعد ضلال.. ومن بعد انحراف!!.
كان الفارابي يبحث عن «المدينة الفاضلة» أو «المجتمع الفاضل»، ووضع العديد من الآراء والنظريات لتحقيق هذا الحلم الجميل.. ولا أحد يجادل في استحالة تحقيق مثل هذا الحلم في أية مدينة وأي مجتمع اذا كان الضمير الانساني ميتا أو في حالة انعدام وغيبوبة.. لأنني أعتقد ان الصدق، وحسن الخلق، وتحمل المسؤولية، والاخلاص، والمعاملة الحسنة، والرحمة.. الى آخر هذه المثل الانسانية النبيلة.. والتي هي أسس المدينة الفاضلة.. أعتقد أنها لا تجدي شيئا إلا حينما يؤمن بها الضمير ويباركها ويعمل من أجلها.. وبدون ذلك تظل مدينة فيلسوفنا خراباً والى الأبد.
ليس من شك في ان بعث الضمير من سباته عملية شاقة.. حتى لتكاد تكون مستحيلة!.. ولكن تربيته وصقله وتوجيهه.. وتعويده على الحق منذ البداية هو المهم والمجدي.. هو الذي يعطي النتائج الايجابية فلست أرى ان مسؤولية الأب تنحصر في كساء الأبناء وتسمينهم حتى يصبحوا كالعجول.. ولكنه مطالب بتربية الضمير لدى أبنائه تربية ذاتية.. تربيتهم على الحق ومناصرته.. تعويدهم التألم لمصائب الآخرين.. تحريك قوة الخير دائما في نفوسهم.. واجتثاث بذور الشر ونوازع الانحراف.. وقتل الأنانية والتسلط.. وتزيين طرق الخير لهم.. باختصار.. احياء ضمائرهم.. حتى لا يكذبوا ولا يزيفوا الحقائق.. ولا يتجنوا عليها.. حتى يكون احساسهم مع الناس ومعاملتهم معهم مبنية على الحب والعطف.. وعلى أصول ثابتة لحمتها الحق.. وسداها الحق أيضا..
الانسان عديم الضمير لا يتورع عن أن ينافق ويرائى.. ويكذب.. ويزيف الحقيقة.. لا يتورع عن الافتئات على الله وعلى الناس.. والايقاع بهم، لا يتورع عن ان يجعل الأبيض أسود في سبيل مصلحته الخاصة.. وفي غمرة هذه الدوامة - حالة غياب الضمير - يضيع حق وتنعكس مفاهيم ويتألم قوم ويتنغص عيشهم.. وتعتم الرؤية حتى على المبصرين.
وهنا يكون الانفكاك صعباً.. والشفاء مستحيلا إلا إذا انقطعت الشعرة الرقيقة.. واستيقظ الضمير الحي.. أو يتدارك الله الناس ويخصلهم من بلاء من عدموا الضمير.
أذكر أنني قرأت لقاص عراقي عن رجل كان طحانا.. وكان يغش الناس في رغيف عيشهم.. فحدث ان مرض طفله وأعطاه الصيدلي دواء مغشوشاً.. فهلك الطفل.. وانكشفت الحقيقة أمام الرجل.. فتألم أشد الألم.. وقطع كل صلة له بعمله السابق.. وعاد انسانا سويا تحت وطأة تأنيب الضمير.. ولكن بعد ان أخذ جزاءه مضاعفا وعادلاً.. وعرفت تجارا ومسؤولين.. وموظفين.. وأبناء عاقين أهملوا واجبهم.. وتجبروا على غيرهم وتنكروا لهم.. وافتروا وتنطعوا واستكبروا في حالة من حالات غياب الضمير.. فمنهم من ذاق وبال أمره، ومنهم من عرفوا أخطاءهم وهداهم الله سواء السبيل.
نحن في أمس الحاجة الى الضمائر الحية.. الموظف يجب أن يخلص لوظيفته.. والبائع.. والحارس، والعامل، وكل انسان يوكل اليه عمل يجب أن يحكم ضميره، ويؤدي واجبه باعتدال واخلاص، حتى نكون كما قال الله فينا «خير أمة أخرجت للناس».
وإذا كان ما أصاب أمتنا من كوارث ونكبات مبعثه انعدام الضمير العالمي.. وفقدانه.. مما جعلنا نتألم كثيرا ونتجشم كل ضنوف الضياع والشقاء.. فما أحرانا في داخل مجتمعاتنا العربية والاسلامية - على الأقل - أن تكون ضمائرنا صافية نقية طاهرة لا تجترح حقا ولا تؤيد باطلا.. ما أحرانا ان نرى الحقيقة حقيقة دائما وأبداً.. ما أحرانا أن نبحث في دواخلنا عن الضمير الانساني الحي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.