أكد الدكتور جعيثن الجعيثن، المختص في الإدارة، في حديث ل"الرياض"، أن بيئة العمل السامة لا تقتصر على خلافات بسيطة أو توتر عابر بين الزملاء، بل تمثل تهديداً حقيقياً للصحة النفسية والجسدية للموظفين. وأوضح أن إحصاءات إدارة الصحة والسلامة الأمريكية تشير إلى أن 83 في المئة من الموظفين في الولاياتالمتحدة يعانون ضغوطاً مرتبطة بالعمل، فيما تُعزى 120 ألف حالة وفاة سنوياً إلى التوتر المهني. وبيّن أن تكليف الموظفين بمهام غير واقعية في أوقات قصيرة، مقروناً بالتهديد بالعقوبات أو تفشي التنمر والمنافسات الضارة داخل بيئة العمل، يضع الموظفين في دائرة ضغط مزمنة. وأضاف أن بعض المديرين ما زالوا يعتقدون أن السيطرة الصارمة أسلوب ناجع في الإدارة، في حين أن أساليب أكثر فاعلية قائمة على الثقة والتمكين يمكن أن تحقق نتائج أفضل من دون آثار سلبية على الصحة النفسية. وأشار الجعيثن إلى أن غياب التدريب الكافي في أساليب الإدارة الحديثة يؤدي إلى فجوة في الثقة بين المدير وفريقه، مما يدفعه إلى التسلط ويقود إلى انخفاض المعنويات وفقدان الحافز. وشدد على أن بيئات العمل السامة تمثل مشكلة مزدوجة صحية واقتصادية، إذ لا تؤدي فقط إلى خسائر في الموارد البشرية، بل تخلّف آثاراً طويلة الأمد على الأفراد والمؤسسات، عبر تقويض رفاهية العاملين. ولفت إلى أن إحصاءات لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية أظهرت أن الإنفاق العالمي على برامج رفاهية الموظفين بلغ 51 مليار دولار عام 2022، ومع ذلك لا يزال مستوى الإجهاد مرتفعاً، ما يعكس أن الحل لا يكمن في الاستثمار المالي فقط، بل يتطلب تغييرات ثقافية وإدارية عميقة. واختتم الجعيثن بالتأكيد على أهمية دمج استراتيجيات الحماية الصحية، مثل التدريب على الذكاء العاطفي ودعم الصحة النفسية، مع سياسات تنظيمية واضحة تمنع السلوكيات السامة، وتضمن توازناً حقيقياً ينعكس إيجاباً على إنتاجية الموظفين وجودة حياتهم.