الزواج لم يعد مجرد مسألة شخصية بين فردين، بل أصبح قضية لها أبعاد اجتماعية واقتصادية، تنعكس آثارها على الأسرة والمجتمع بأسره، ومع تزايد نسب الطلاق وما يترتب عليه من آثار، يبرز السؤال.. هل يكفي الاكتفاء بالفحوص التقليدية التي تركز على الأمراض الوراثية والمعدية، أم أن الوقت قد حان لإدراج فحوص أكثر شمولًا، مثل فحص المخدرات والأمراض النفسية؟ من الناحية الواقعية، الإدمان أحد أكثر الأسباب التي تُفكك البيوت وتحول الزواج إلى ساحة صراع، فالشريك الذي يكتشف بعد الزواج أن الطرف الآخر يعاني من إدمان، يجد نفسه أمام معضلة حقيقية؛ إما الاستمرار في علاقة غير متوازنة مليئة بالمشكلات التي قد تصل لارتكاب الجرائم، أو الانفصال وتحمل تبعاته التي لا تعد ولا تحصى. إدراج فحص المخدرات هنا لا يعني الوصم، بل هو آلية وقائية تكشف الحقيقة مبكرًا وتمنح الطرف الآخر حق المعرفة قبل اتخاذ قرار مصيري، كذلك الاضطرابات النفسية فهي أكثر تعقيدًا لأنها تكون خفية، ووجود حالات مثل الاكتئاب الحاد أو اضطراب ثنائي القطب أو الفصام قد لا يظهر بوضوح في البداية، لكنه سرعان ما يفرض نفسه على العلاقة الزوجية. إدراج فحص نفسي لا يعني إقصاء من يعاني من هذه الاضطرابات، بل يمنح الطرف الآخر فرصة للتفكير الواعي هل هو مستعد للتعامل مع هذه الظروف؟ وهل هناك خطة علاج أو متابعة متاحة؟ الاعتراض الأبرز على هذه الفحوص هو أنها تمثل انتهاكًا للحرية الشخصية، وتفتح الباب لاستخدام النتائج كأداة للرفض أو الوصم، وهذا اعتراض وجيه، لكن يمكن تجاوزه عبر وضع ضوابط قانونية وأخلاقية تضمن سرية النتائج، وتمنع إساءة استخدامها، فالغرض من الفحص ليس حرمان الناس من الزواج، بل تعزيز الشفافية ومنح الشريكين فرصة لاتخاذ قرار مبني على معرفة حقيقية، إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية أوسع، سنجد أن إدراج هذه الفحوص قد يخفف من تكاليف اجتماعية واقتصادية ضخمة، فالطلاق الناتج عن الإدمان أو الاضطرابات النفسية لا يترك أثره على الزوجين فقط، بل يطال الأطفال والمجتمع، ويزيد من الضغط على المحاكم والمؤسسات الاجتماعية، الوقاية هنا أوفر بكثير من علاج النتائج، ففي النهاية، يبقى السؤال هل نحن مستعدون لمواجهة الحقائق بشجاعة لأن إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية قبل الزواج ليس إجراءً مثاليًا يخلو من التحديات، لكنه خطوة عملية نحو زواج أكثر استقرارًا، وأسر أقل هشاشة، والاختيار بين الشفافية والغموض سيحدد شكل العلاقات الأسرية في المستقبل.