في تحوّل بارز بموقفها من الحرب في غزة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن نيتها الدفع نحو فرض عقوبات وتعليق جزئي للتجارة مع إسرائيل، في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة على مستوى الاتحاد الأوروبي. وهذا الموقف جاء بعد انتقادات واسعة للاتحاد بشأن تراخيه في مواجهة ما وُصف بأنه «مجاعة مصنوعة» نتيجة الحصار الإسرائيلي، وما خلّفته الحرب من دمار ومعاناة إنسانية. سلاح حرب وقالت فون دير لاين في كلمة أمام البرلمان الأوروبي إن «المجاعة لا يمكن أن تُستخدم كسلاح في الحرب»، مضيفة أن المفوضية ستنشئ مجموعة مانحين لفلسطين الشهر المقبل، يخصص جزء منها لإعادة إعمار غزة، تصريحاتها قوبلت بتصفيق واسع داخل البرلمان، لكنها لاقت في المقابل رفضًا من الحكومة الإسرائيلية، التي اعتبرت العقوبات استجابة ل«ضغوط سياسية»، محذرة من أنها قد تمنح حماس مزيدًا من القوة. والخطوة الأوروبية تأتي في ظل تصاعد حدة العمليات العسكرية الإسرائيلية، إذ حذرت تل أبيب سكان مدينة غزة من مغادرتها بالكامل، تمهيدًا لهجوم وشيك يستهدف ما تقول إنه آخر معاقل حماس. والتحذيرات أعقبت غارة إسرائيلية على قادة للحركة في قطر، وهو ما أثار موجة استنكار إقليمي ودولي، وهدد بإفشال الجهود الدبلوماسية المتعثرة لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو عامين. الدعم الثنائي وإلى جانب العقوبات الاقتصادية، أعلنت فون دير لاين عن خطة لتعليق الدعم الثنائي المقدم من المفوضية لإسرائيل، باستثناء التعاون مع المجتمع المدني. هذه الخطوة لا تتطلب إجماع الدول الأعضاء، لكنها تعكس تصعيدًا سياسيًا جديدًا في العلاقة الأوروبية الإسرائيلية، ومع ذلك، يبقى الاتحاد منقسمًا حول مدى جدوى العقوبات، وما إذا كانت كفيلة بوقف الانتهاكات الميدانية التي تشهدها غزة يوميًا. ويبقى السؤال المطروح اليوم: هل يمكن أن تؤدي العقوبات الأوروبية وتعليق التجارة إلى تغيير سلوك إسرائيل على الأرض؟ أم أن هذه الإجراءات ستظل رمزية في ظل انقسام المواقف الدولية، واستمرار العمليات العسكرية بوتيرة متصاعدة؟، الإجابة ستتضح مع اختبار الإرادة السياسية الأوروبية، ومدى قدرتها على تحويل المواقف إلى خطوات عملية توقف نزيف الدم في غزة. ارتفاع الضحايا وفي غضون ذلك، تواصل وزارة الصحة في غزة الإعلان عن ارتفاع أعداد الضحايا، فقد أكدت مقتل أكثر من 64.600 فلسطيني منذ اندلاع الحرب، نصفهم تقريبًا من النساء والأطفال. كما أظهرت الأرقام المأساوية وفاة 404 أشخاص، بينهم 141 طفلًا بسبب سوء التغذية، في وقت تقول الأممالمتحدة إن غالبية سكان القطاع، البالغ عددهم مليوني نسمة، يعيشون في حالة نزوح شبه دائم، وسط دمار شبه كامل للبنية التحتية.