أظهرت قرارات الشورى والأنظمة المقترحة من بعض الأعضاء على مدى دوراته المختلفة اهتمام المجلس بالتغذية الصحية لطلاب وطالبات المدارس وكان آخر تلك القرارات التشديد على وزارة التعليم بالعمل على توفير وجبة فطور يومية صحية وميسرة التكلفة للطلاب في مدارس التعليم العام، مع تطوير معايير الرقابة على المقاصف المدرسية، وعبر مداخلة على تقرير وزارة التعليم للعام المالي 45 - 1446 الذي صوت المجلس في جلسته 37 من السنة الشوريًّة الأولى من دورته الحالية على جملة من القرارات، وحينها أكدت عضو المجلس الدكتورة نجوى الغامدي ملاحظة أن الكثير من المدارس لم تلتزم بقرار وزارة التعليم من بيع الأطعمة والمشروبات غير الصحية في مقاصف المدارس، وترى أهمية تشديد الرقابة على مقاصف المدارس، والتأكيد على المدارس العامة بعدم توفير خيارات غير صحية للطلاب والطالبات، إضافة إلى نصح أولياء الأمور؛ لتجنب الخيارات غير الصحية، وقالت عبر مداخلتها أن على الوزارة توضيح أنواع الأطعمة التي توفر في المقاصف، وتوجيه أولياء الأمور في شأنها، حيث يهدف هذا القرار إلى تعزيز صحة الطلاب، وسلامتهم من خلال توفير بيئة مدرسية صحية وتقليل المخاطر الصحية، ومنع انتشار الأمراض المزمنة من خلال الوقاية من السمنة وغيرها من الأمراض. اعتماد وجبة تغذية صحية وميسرة التكلفة للطلاب.. قرارات تنتظر التنفيذ لجنة التعليم ترد وبينت لجنة التعليم والبحث العلمي في معرض ردها على مداخلة العضو الغامدي أن توصيتها -التي أقرها المجلس- تنص صراحة على ضرورة توفير أطعمة ومشروبات صحية ضمن وجبة أبنائنا وبناتنا الطلبة، مما يُبرز التزام الوزارة بتعزيز الصحة المدرسية والارتقاء بجودة ما يُقدّم لأبنائنا وبناتنا في المقاصف المدرسية، وتتفق تمامًا معها على أهمية تشديد الرقابة على هذه المقاصف لضمان الالتزام بالتعليمات الصادرة من الوزارة، وعدم السماح بتوفير خيارات غذائية تضر بصحة الطلبة، كما أن إشراك أولياء الأمور في هذه الجهود، من خلال التوعية والتوجيه، يُعد عاملًا محوريًا في تكامل الأدوار بين المدرسة والأسرة، خاصة فيما يتعلق بالعادات الغذائية للأطفال، مع أهمية أن توضيح أنواع الأطعمة والمشروبات المسموح بها في المقاصف المدرسية، لضمان وضوح المعايير لدى المدارس والموردين وأولياء الأمور على حد سواء، وخلق بيئة مدرسية صحية شاملة، تسهم في الوقاية من الأمراض المزمنة، وتدعم الصحة الجسدية والنفسية للطلبة، وهي مسؤولية تشاركية تتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية، وقد استحسنت اللجنة ما تقدمت به الزميلة من مقترحات أجرت تعديلاً على توصيتها بهذا الشأن. قرارات سابقة وفي قرار سابق لمجلس الشورى تضمن التحذير من فوضى المقاصف وانتشار أمراض السمنة والسكري وتسوس الأسنان، أيَّدت لجنة التعليم بمجلس الشورى في دورة سابقة إجراء دراسة لمقترح تشريع نظام للتغذية المدرسية يستهدف تحسين صحة الطلبة والالتزام بسلوكيات وأدبيات التغذية السليمة، وجعلها جزءاً لا يتجزأ من سلوكهم، والحد من الأمراض المنتشرة والتي لها ارتباط مباشر بالعادات الغذائية الضارة، وكذلك تحقيق للنمو السليم المتوازن لأن العقل السليم في الجسم السليم، وبخاصة في هذه المرحلة العمرية للطلبة، وتماشياً والرؤية التي تدعو إلى تحسين جودة الحياة، واشترك في تقديم المقترح في الدورة السابعة العضو جواهر العنزي والعضو محمد العجلان. وتستعرض "الرياض" في هذا التقرير مسيرة التغذية المدرسية وأبرز قرارات الشورى بشأنها ومبررات المشروع المقترح وأهم ملامحه، فلن ينسى جيل الثمانينات والتسعينات الهجرية ما اصطلح الرأي العام على تسميته ب"أيام التغذية"، حيث أقرت وزارة التربية والتعليم "وزارة المعارف آنذاك" إيصال وجبة إفطار متكاملة لجميع طلاب الإعداد العام في المدن والقرى والهجر كافة، بل شملت هذه المبادرة توزيع الملابس الرياضية لجميع الطلاب وبأطقم متعددة الألوان والمقاسات، إلاّ أن ألوانها في السنوات الأخيرة توحدت باللونين الأخضر والأبيض، وتشير المعلومات المتوفرة إلى أنها توقفت بعد أربع سنوات من بدايتها 1396 - 1400. وفي التاسع من جمادى الأولى العام 1435 وافق مجلس الشورى بالأغلبية على توصية عضو الشورى السابق حمدة العنزي بعد أن تبنتها لجنة التعليم والبحث العلمي، وطالبت وزارة التعليم بوضع برنامج متدرج لاعتماد وجبة تغذية صحية في مدارس التعليم العام، وقد بررت العنزي توصيتها بضعف متعهدي تشغيل المقاصف المدرسية في التعليم العام، وأشارت إلى أن ما يقدم لأبنائنا وبناتنا أصناف رخيصة بأسعار مضاعفة وذات قيمة غذائية ضعيفة، وهي للكسب المادي على حساب صحة الطلاب والطالبات، مؤكدةً أن مراحل التعليم خاصة الابتدائية من أهم مراحل النمو والتكوين العقلي والجسدي للطلاب والطالبات، كما أن غياب الوجبة المدرسية الصحية يؤثر سلباً على التحصيل الدراسي وعلى الصحة المدرسية. لماذا نظام التغذية..؟ وعوداً على مشروع نظام التغذية المدرسية المقترح في دورة الشورى السابعة، فقد سوّغ عضوا المجلس العنزي والعجلان -صاحبا المقترح- بعدم التزام بعض المدارس بنوعية ما يقدم للطلبة من غذاء وانتشار العديد من العادات الغذائية السيئة كتناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية، إضافة إلى انتشار عدد من الأمراض المرتبطة بالتغذية السيئة، كالسمنة والسكري وتسوس الأسنان، والعشوائية والفوضى في كثير من المقاصف المدرسية، ويؤكد العنزي والعجلان أهمية المقترح في سد الفراغ التنظيمي التشريعي فيما يخص التغذية المدرسية حيث لا يتوفر إلا دليل للإشراف على المقاصف المدرسية؛ لا يُلزم المدارس بتقديم الوجبات الصحية بقدر ما يهتم بالنواحي الفنية للمقاصف المدرسية، والإبلاغ عن المخالفات. وحسب تقرير المقترح تعد المدارس البيئة المثالية لدعم أي سلوك يرغبه المجتمع؛ فمن خلالها تُكتسب المعارف والمهارات والاتجاهات والميول، ومن أهم تلك السلوكيات التي ينبغي إكسابها للتلاميذ منذ بداية التحاقهم في المدارس هي السلوكيات المتعلقة بالتربية الغذائية، حيث يلتحق التلاميذ في المدرسة من سن السادسة ويبقون بها إلى سن الثامنة عشرة، وهو السن الذي تتشكل فيه العادات الغذائية والصحية، وتحدث به العديد من التغيرات الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية التي تترك آثاراً واضحة على الطفل، وكثيراً ما تحدد هذه الفترة نوعية الأخطار الصحية التي يمكن أن يواجهها التلاميذ في الأعمار اللاحقة، وأكدت وثيقة أصدرتها اليونسكو العام مؤخراً بعنوان "المدارس كنظام لتحسين التغذية" أن أداء المدرسة لدورها المنوط بها في تقديم التغذية السليمة لطلاب المدارس هو تعزيز لحقوق الإنسان، وخاصة حقه في الحصول على الغذاء، وتمتعه بمستوى عالٍ من الصحة، وتسير تلك الحقوق جنباً إلى جنب مع حقه في التعليم، وهي حقوق عالمية مترابطة وغير قابلة للتصرف أو التجزئة، كما أن أداء المدرسة لدورها الحقيقي فيما يتعلق بالصحة المدرسية هو تعزيز ودعم لاتفاقيات الطفل، التي أكدت على مكافحة الأمراض وسوء التغذية عن طريق توفير الأغذية المغذية الكافية ومياه الشرب النقية، الأمر الذي يستدعي تقديم تغذية مدرسية مناسبة؛ لضمان حصول جميع التلاميذ على وجبة كاملة كل يوم، وهو ما يمكن أن يزيد من اهتمام الأطفال بالتعلم، وكذلك من الالتحاق بالمدارس كما أثبت ذلك العديد من الدراسات في هذا المجال. محطات التغذية المدرسية وأوضح عضوا المجلس العنزي والعجلان أن المتتبع للتغذية المدرسية في المملكة يلاحظ أنها مرت بمحطات متنوعة، تراوحت من تقديم وجبات مدرسية مجانية في نهاية السبعينات الميلادية إلى الاعتماد على المقاصف المدرسية، والتي مازالت قائمة مع ما تواجهه من انتقادات واسعة، من حيث نوعية الوجبات المقدمة، ومدى توافقها مع الاشتراطات الصحية، وطريقة تقديمها، واصطفاف الطلبة للحصول عليها، وعلى الرغم من أن الوزارة أصدرت عدة قرارات في الآونة الأخيرة لتحسين أوضاع المقاصف المدرسية من إسناد تشغيل بعضها إلى شركة تطوير، وإسناد بعضها الآخر إلى الأسر المنتجة، كما أن مجلس الشورى لم يغفل هذه القضية المهمة في قراراته السابقة إلا أن الحلقة المفرغة هي عدم وجود تشريع مناسب لمعالجة تلك القضية معالجة جذرية، حيث إن الموجود حالياً دليل يهتم بالنواحي الفنية للمقاصف المدرسية، والإشراف عليها، ويضع آلية للإبلاغ عن المخالفات، إلا أنه قاصر عن إلزام المدارس بتقديم الوجبات الصحية المتوافقة مع احتياجات الجسم، لذا يتطلب الأمر سياسات فاعلة، وقوانين صارمة؛ تلزم الجهات المعنية بتقديم الوجبات الصحية المدرسية للطلاب؛ فالاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في أبناء الوطن الذين يفوق عددهم ستة ملايين طالب وطالبة، وهذا يتوافق مع رؤية المملكة، والتي أكدت على نمط الحياة المتوازن، والوصول إلى مجتمع حيوي، وبيئة عامرة، ينعم أفرادها بحياة صحّية. توفير الغذاء الصحي يذكر أن النظام المقترح يهدف إلى توفير الغذاء والمشروب الصحي والنظيف، للطلبة والتلاميذ، في المؤسسات التعليمية كافة، ويلزم وزارة التعليم بأن توفر في كل مؤسسة تعليمية مطعماً مجهزاً بالتجهيزات اللازمة كافة لإطعام الطلبة والتلاميذ، وأن تتوفر فيه اشتراطات ووسائل السلامة، وأن لا يعرض فيه إلا الأغذية -المشروبات والمأكولات- الصحية، وأن تكون قيمة اشتراكه أو أثمان بيع معروضاته بمبالغ رمزية مخفضة، وتحدد اللائحة نوع الغذاء والمشروب الصحي المقدم وقيم الاشتراك أو أثمان بيع معروضاتها، والحالات التي يتم فيها الإعفاء من تلك المبالغ، ويجوز للوزارة تشغيل المطاعم المدرسية، أو تأجيرها، كما يجوز لها المشاركة مع مشغلين من القطاع الخاص أو الاستعانة بهم لتقديم الخدمة.