وثّقت دارة الملك عبدالعزيز كتابا جديدا بعنوان «العمل الخيري في مكةالمكرمة وأثره في المجتمع (570–923ه / 1174–1517م)»، من تأليف الدكتور فهد بن صالح النغيمشي، ضمن جهودها في نشر الدراسات المتصلة بتاريخ مكةالمكرمة، وتوثيق مظاهر العطاء التي أسهمت في تشكيل البنية الاجتماعية للمدينة في مختلف العصور. ويضم الإصدار الجديد مقدمة علمية، وتمهيدًا شاملًا، وفصولًا تفصيلية، وملحقات، وقائمة بالمصادر والمراجع، وكشاف عام في ختام الإصدار، بما يمكّن الباحثين من تتبع موضوعاته، والاستفادة من مادته العلمية الدقيقة، وإضافةً نوعية إلى سلسلة الإصدارات التاريخية التي تعتمدها دارة الملك عبدالعزيز، مستندًا إلى منهج علمي ومصادر أصيلة، وصورة واضحة عن جذور العمل الخيري ومظاهره، ورفد مهم من تاريخ مكةالمكرمة وحياة أهلها للمكتبة العربية. ويعتمد الكتاب على جمع وتحليل الشواهد التي تبرز كيف شكّل العمل الخيري بُعدًا أصيلًا في الحياة المكية، وانعكس أثره على المقيمين والزائرين وأهل الحرم على حدٍّ سواء، ضمن سلسلة الرسائل الجامعية التي تعمل الدارة على نشرها بوصفها رافدًا علميًا يوثّق البحوث الأكاديمية المتميزة، ويتيح للباحثين والمهتمين الوصول إلى دراسات رصينة، مستندةً إلى مصادرها الأصلية، حيث إن الكتاب في الأصل رسالة علمية نال بها المؤلف درجة الماجستير في التاريخ الإسلامي من قسم التاريخ بكلية اللغة العربية، والدراسات الاجتماعية بجامعة القصيم. ويعرض المؤلف في مستهل الكتاب الأسس الشرعية التي انبثقت منها أعمال البر في مكةالمكرمة، مستندًا إلى الآيات الكريمة، والأحاديث النبوية التي أرست مبدأ التكافل والتراحم بين المسلمين، كما يتناول خصوصية مكةالمكرمة ومكانتها بوصفها موضع البيت الحرام، ومهوى أفئدة المؤمنين عبر العصور، مما جعل مظاهر الإحسان سمة ملازمة لحياة أهلها، والوافدين إليها. ويقدّم الكتاب تمهيدًا تاريخيًا يوضح أثر الظروف السياسية خلال الفترة ما بين القرنين السادس والعاشر الهجريين في توسّع الأعمال الخيرية، وما صاحب ذلك من تنشيط للحركة العلمية، وازدهار للمرافق، والخدمات العامة. ويتوزع الكتاب على عدد من الفصول التي ترسم صورة شاملة لميادين العمل الخيري في مكةالمكرمة، إذ خصّص المؤلف فصلًا للنفقات الخيرية المادية والعينية، تناول فيه التبرعات الغذائية، والهِبَات، والأعطيات العينية، والمساعدات الطارئة التي ظهرت في أوقات الأزمات، ومنها مواسم القحط وشدّة الحاجة. وأفرد فصلًا آخر للعناية بالمرافق والخدمات العامة، تناول فيه رعاية المساجد، وإقامة الأربطة، وتوفير المياه، وإنشاء المطاهر (المواضئ)، وتسهيل الطرق المؤدية إلى مكة، بما يخدم السكان والحجاج والمجاورين. كما يُعنى الفصل الثالث بالأعمال الخيرية في مجال الصحة، ودعم الحركة العلمية، متناولًا بناء المستشفيات، وتقديم الرعاية للمرضى والمحتاجين، وتشييد المدارس، وإقامة الدروس العلمية، ووقف الكتب الذي كان له أثر كبير في إثراء الحياة المعرفية وتنشيطها.