في كل مدينة وقرية وشارع، تُعدّ المرافق العامة من أبرز مظاهر التحضّر والاهتمام بالمجتمع، فهي تعكس صورة الوطن أمام مواطنيه وزوّاره، وتمثل وجهًا حقيقيًا لثقافة الفرد ووعيه، فالحدائق والمتنزهات، والمستشفيات والمدارس، والطرق والممرات، وحتى المقاعد والمصابيح، جميعها شواهد على مدى التزام الناس واحترامهم للمكان الذي يعيشون فيه. إن المحافظة على المرافق العامة ليست مسؤولية الجهات الحكومية فقط، بل هي واجب وطني وسلوك حضاري يشارك فيه الجميع، فحين يُطفئ المواطن إنارةً تُهدر بلا حاجة، أو يلتزم بعدم رمي المخلفات في الحدائق، أو يحافظ على نظافة المسجد والمدرسة، فإنه يسهم في حماية الممتلكات التي خُصصت لخدمته وخدمة الآخرين. ولعلّ المؤسف أن بعض السلوكيات الفردية السلبية، كتشويه الجدران أو إتلاف المقاعد أو العبث بالأجهزة، تُسبب خسائر مادية وجهدًا إضافيًا على الدولة، وتُفقد المكان جماله ووظيفته. بينما المواطن الواعي يدرك أن كل ما في الوطن من مرافق هو ملك له ولأبنائه، وأن الحفاظ عليها يعني الحفاظ على المال العام، وعلى صورة الوطن المشرّفة. ولذلك، تُعدّ ثقافة المحافظة على المرافق العامة جزءًا من الهوية الوطنية، تُغرس في المدارس والمنازل وتُعزّز عبر الإعلام والمبادرات المجتمعية، فالوطن الذي نحلم به يبدأ من شارع نظيف، ومرفقٍ مصان، وإنسانٍ يشعر بالمسؤولية تجاه ما حوله. عبدالرحمن معلا المحمادي