في مشهد يومي يزدحم بالضجيج وتسارع الإيقاع، تحضر إذاعة القرآن الكريم السعودية كصوت مختلف، لا ينافس الصخب بل يعلوه بالسكينة، فمنذ أكثر من 52 عامًا، ظلت الإذاعة رفيقة الطريق والوقت، تبث القرآن الكريم إلى العالم بصوت مطمئن ورسالة ثابتة، محافظةً على حضورها كمنبرٍ قرآنيٍ راسخ، يجمع بين أصالة التلاوة وعمق المعنى، ويعكس رسالة المملكة في خدمة كتاب الله ونشر قيمه السمحة. ويعود تأسيس إذاعة القرآن الكريم السعودية إلى رؤيةٍ واضحة جعلت من القرآن الكريم رسالة تتجاوز الحدود، حيث عبّر وزير الإعلام آنذاك إبراهيم العنقري –رحمه الله– في كلمة التأسيس عن عمق هذه الرسالة بقوله: "كانت هذه الإذاعة هديةً للمسلمين من إمام المسلمين فيصل بن عبدالعزيز"، لتكون منذ انطلاقتها منبرًا قرآنيًا يحمل صوت المملكة إلى العالم. ومنذ ذلك الحين، مثّلت الإذاعة صورة مشرقة لدعم المملكة نشر القرآن الكريم وتعليمه، عبر محتوى متوازن يجمع بين التلاوة، والتفسير، والمسابقات القرآنية التي أسهمت في ترسيخ ارتباط الأفراد بكتاب الله. وقد شكلت هذه المسابقات بوابةً لحفظ القرآن لدى كثيرين، ممن كانت الإذاعة رفيقهم الدائم. ولم يقتصر حضور إذاعة القرآن الكريم السعودية على النطاق المحلي، بل تجاوز الجغرافيا ليصل إلى ست قارات وأكثر من 89 دولة حول العالم، في مشهد يعكس عالمية الرسالة القرآنية التي تحملها. كما توسع هذا الحضور عبر المنصات الرقمية، حيث يتابع قناة الإذاعة على منصة يوتيوب مستمعون من أكثر من 100 دولة، في امتدادٍ طبيعي لصوتٍ اعتاد أن يعبر الأثير إلى القلوب. وعلى مدار عقود، ارتبطت ذاكرة المستمعين ببرامج شكلت وجدانهم اليومي، وفي مقدمتها برنامج "نور على الدرب"، الذي ظل رفيق الصباح لسنوات طويلة، حاضرًا في البيوت والطرقات، ومصدرًا للإرشاد والطمأنينة، حتى أصبح أحد أكثر البرامج الإذاعية رسوخًا في الوعي العام. وبين تاريخٍ كتبته التلاوة، وحاضرٍ تحمله المنصات الحديثة، تواصل إذاعة القرآن الكريم السعودية أداء رسالتها بوصفها صوتًا قرآنيًا راسخًا، تجاوز الجغرافيا، واستقر في وجدان المستمعين جيلاً بعد جيل.