أعلنت إسرائيل استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد سلسلة غارات جوية مكثفة أسفرت عن مقتل أكثر من مئة شخص، بينهم نساء وأطفال، فيما نفت حماس مسؤوليتها عن مقتل جندي إسرائيلي وقالت إن الغارات تمثل «انتهاكًا صارخًا» للاتفاق. واتهمت الحركة الإدارة الأمريكية بالانحياز الكامل لإسرائيل، معتبرة أن موقفها «شراكة فعلية في سفك الدماء». خلفية التصعيد وجاء التصعيد بعد مرور أكثر من أسبوعين على اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والذي نصّ على إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وتسليم جثث المتوفين. وأكدت واشنطن وتل أبيب أن على حماس استكمال تسليم باقي الرفات، فيما قالت الحركة إن العملية تتطلب وقتًا وجهودًا ميدانية معقدة داخل الأنفاق والأنقاض بمساعدة مصرية. الموقف الإسرائيلي وذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حماس «انتهكت الاتفاق» عندما سلّمت يوم الاثنين أجزاءً من جثة رهينة، زاعمًا أنها فبركت عملية اكتشافها. وأضاف أن الغارات التي أمر بها جاءت ردًا على مقتل جندي إسرائيلي في رفح، مشيرًا إلى أن إسرائيل ستواصل «الرد بقوة على أي خرق للهدنة». كما أكد المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين أن الضربات نُفذت بالتنسيق الكامل مع واشنطن، متهمًا حماس باستخدام المدنيين دروعًا بشرية، وقال إن الحركة «تحاول عرقلة تنفيذ مراحل الاتفاق المتعلقة بنزع سلاحها». موقف حماس وفي المقابل، نفت حماس أي تورط لها في مقتل الجندي الإسرائيلي، وقالت في بيان إن «الاحتلال يتحمل المسؤولية الكاملة عن التصعيد الخطير وتداعياته السياسية والميدانية». وأكدت أن الغارات تمثل محاولة إسرائيلية لإفشال خطة ترمب واتفاق وقف إطلاق النار. وأضافت الحركة أن تسليم الرفات يتم «تحت ظروف ميدانية صعبة» بسبب الدمار الواسع، مشيرة إلى أنها لن تسمح لإسرائيل «بفرض وقائع جديدة بالعنف». الموقف الأمريكي وأيد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الضربات الإسرائيلية، وقال للصحفيين إن «إسرائيل كان عليها أن تردّ بعد مقتل الجندي»، مؤكدًا في الوقت ذاته أن وقف إطلاق النار لا يزال قائمًا. واعتبر ترمب أن حماس «جزء صغير جدًا من السلام في الشرق الأوسط، وعليها أن تتصرف بشكل صحيح». وفي المقابل، انتقدت حماس الموقف الأمريكي بشدة، وقالت إن «الانحياز لإسرائيل يعني مشاركة مباشرة في العدوان واستمرار سفك دماء الأطفال والنساء في غزة». الوضع الإنساني وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن الغارات الأخيرة أسفرت عن مقتل 104 أشخاص، بينهم 46 طفلًا، وإصابة 253 آخرين. وقالت إن عددًا كبيرًا من المصابين في حالة حرجة. ووصفت المشافي الوضع بأنه «كارثي»، إذ غصّت الممرات بالجرحى، فيما نُقلت الجثث على نقالات وفرش بسيطة في ظل نقص حاد في الإمدادات الطبية. وفي مستشفى العودة بوسط القطاع، أُقيمت صلاة الجنازة على عشرات الضحايا الذين تم انتشالهم من تحت الأنقاض. وقال شهود إن الضربات طالت منازل سكنية ومخيمات للنازحين. وأكدت مصادر طبية أن بين القتلى عشرات النساء والأطفال الذين قضوا أثناء نومهم. الهدنة الهشة وبرغم الغارات، أعلن الجيش الإسرائيلي أن وقف إطلاق النار «عاد إلى مساره»، مشيرًا إلى أن العمليات كانت «ردًا محددًا» على انتهاك حماس. وقالت تل أبيب إن القوات ستلتزم بالاتفاق لكنها «سترد بحزم على أي خرق». في المقابل، جددت حماس التزامها بالهدنة، داعية الوسطاء إلى الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها، وأكدت أن أي تصعيد جديد سيعرقل المراحل المقبلة من الاتفاق، التي تشمل نزع سلاح الفصائل ونشر قوة أمنية دولية في غزة. تداعيات دبلوماسية وسياسيًا، أعاد التصعيد الضغط على الوسطاء الإقليميين والدوليين الذين حاولوا منذ أيام تثبيت مخرجات اتفاق وقف إطلاق النار. واشنطن بدور ظاهر في رعاية الاتفاق، تراجعت إلى موقف داعم لإسرائيل مع تأكيد على الحفاظ على الهدنة، فيما حاولت أطراف إقليمية الضغط على الجانبين لتفادي العودة إلى دوامة أوسع من العنف. والتصريحات الرسمية المتبادلة أشارت إلى أن الخلافات حول إجراءات التنفيذ - خصوصًا ملف تسليم رفات الرهائن واستخدام معدات الحفر - قد تصبح عقبة مركزية أمام الانتقال إلى مراحل لاحقة من الاتفاق مثل نزع السلاح أو نشر قوة أمنية دولية. ماذا بعد؟ والمعطيات الحالية تشير إلى احتمالين رئيسيين: إما عودة وسائط التهدئة والوساطة المكثفة لاحتواء الحادثة وإعادة تأهيل الثقة التنفيذية، أو تصاعد محدود في العنف يؤدي إلى انزلاق تفاوضي أوسع يعيد ملف الرهائن والرفات إلى مركز الصراع. كلا السيناريوهين يحكمهما عاملان حاسمان: استعداد الأطراف لالتزام نصوص الاتفاق حرفيًا، ومدى قدرة الوسطاء على تقديم ضمانات تنفيذية تراعي الشواغل الإنسانية والأمنية معًا تصريحات إسرائيل وحماس الأخيرة • حماس: الموقف المنحاز للإدارة الأمريكية يشكل شراكة فعلية في سفك دماء أطفالنا ونسائنا. • حماس: الاحتلال يتحمل المسؤولية الكاملة عن التصعيد ومحاولته إفشال خطة ترمب واتفاق وقف إطلاق النار. • إسرائيل: حماس ارتكبت انتهاكًا واضحًا للاتفاق بتسليم أجزاء من رفات رهائن. • إسرائيل: الجيش نفذ ضربات دقيقة ضد عشرات الأهداف الإرهابية وسيرد بحزم على أي خرق.