دعا عدد من المختصين إلى تبنّي نموذج تنظيمي مستلهم من التجربة الصينية لتنظيم المحتوى المهني على المنصات الرقمية في العالم العربي، في ظل تصاعد ظاهرة "النصيحة الرقمية" غير المنضبطة، التي باتت تُشكّل مصدرًا للمعلومة لدى شريحة واسعة من المستخدمين، رغم غياب المؤهلات أو التراخيص لدى من يقدّمونها. واستشهد المطالبون بتجربة الصين التي تلزم المؤثرين الرقميين بتقديم وثائق رسمية تثبت مؤهلاتهم قبل مناقشة موضوعات مهنية حساسة، مثل الطب والتعليم والمالية والقانون، ووفقًا لهذه القواعد، تُحمّل المنصات الرقمية الكبرى -مثل "دووين" (النسخة الصينية من تيك توك)، و"ويبو"، و"بيلي بيلي"- مسؤولية التحقق من صحة هذه الوثائق قبل السماح بالنشر، مع فرض عقوبات صارمة على المخالفين، تشمل تعليق الحسابات أو إغلاقها، أو فرض غرامات مالية كبيرة. ويرى مختصون أن التجربة الصينية تمثّل نموذجًا متقدّمًا في الحوكمة الرقمية، لكونها لا تكتفي برد الفعل بعد وقوع الضرر، بل تعتمد سياسة تحقق مسبق تمنع نشر المحتوى المخالف من الأصل، معتبرين أنّ هذا الوعي بأثر المحتوى المهني على الأمن المجتمعي ما زال مغيبًا في كثير من السياسات الإعلامية العربية. ويطالب المختصون بأن تتبنى الدول العربية أنظمة مشابهة، تشمل إلزام المؤثرين في مجالات مهنية بالحصول على تصاريح موثقة، وتحميل المنصات مسؤولية قانونية مشتركة، ووضع قائمة بالمجالات التي يُمنع مناقشتها دون اعتماد رسمي، أبرزها: الطب، الاستشارات النفسية، القانون، الاستثمار، والتعليم. كما دعوا إلى إطلاق حملات توعية تشرح الفرق بين الرأي والمشورة، وإلى تمكين الجهات المختصة من التدخل الفوري، مؤكدين أن حماية الجمهور لا تتحقق بالثقة وحدها، بل بالتحقق.