تعبأ الأزقة بأحاديث الموظفين صباحاً وظُهراً وكل وقت يُسمح فيه لهم بأخذ «بريك» للتجمعات، وهنا يبدأ التنفيس والتضجر من المدير الفلاني والمشرف الفلاني ومن سلوكيات لا ترتقي ولا تسهم في الإنتاجية. منذ ما يقارب عقداً من الزمان درج التوجه لتصدير لقب القائد بدلاً من المدير وهنا يبدو أن المدير فشل في إثبات استحقاقه للقب وتحقيق الأهداف التي تُبقيه متصدر المشهد، بل إن لقب المدير قد نُبذ في مواضع عدة وأصبح الترويج للقب القائد بدلاً منه متوسمين به خيراً عوضاً عن المدير الفاشل. تغيير اللقب على نطاق ضيق لا يغير من الوضع العام ولا يسهم في الحفاظ على العناصر الموهوبة في المؤسسة، نحن فقط نشرنا مفاهيم وأساليب سطحية جديدة لإدارة رأس المال البشري. يكاد لا يمر شهر دون أن يُنشر مقال في الصحف عن انتقاد سلوكيات إدارية، أذكر أني قرأت مؤخراً مقالاً نشر إحصائيات لعدد الاستقالات المهول في سوق العمل وهي نسب مُقلقة جداً في القطاعين الخاص أو العام، السؤال هنا، ما الرابط المفقود بين الرئيس والمرؤوس؟ ولماذا يتراجع الأداء في قسم ويرتفع في آخر؟ ما الثقافة المطلوب نشرها في هذه المنظمة؟ وما السبل الأمثل لتحقيقها؟ في حين أن مؤشرات الأداء للمنظمات والشركات في سوق العمل مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باستقرار منسوبيها، لماذا لا تعبأ إدارة المؤسسة بهذا المعيار؟ لماذا لا يُنظر للمرؤوسين على أنهم عنصر أساسي لنجاح المنظمة! لماذا نسمح بأن تغيب بعض القيم الرئيسة كالحب والشغف لدى الأفراد وزوال ارتباطهم العاطفي بالإنجازات التي تعتبر من أهم المؤثرات الرئيسة في مستوى ازدهار وتقدم المنظمة وهو الأمر الذي ينعكس على نهضة الوطن وتقدمه. مع هذه الإدارة لن يعمل الموظف لأجل تحقيق الأهداف المطلوبة بأفضل جودة ممكنة وإنما إنجاز المهام المفروضة عليه بأقل جهد، غياب الشغف يؤدي لانعدام روح الريادة والابتكار وطرح الحلول اللازمة على الطاولة في حال حدوث أزمة ما. انعدام هذه العناصر يضمن لنا مغادرة الموظف عند أول فرصة عمل جديدة حتى وإن لم تتوافق مع طموحه أو تحقق له مورداً مالياً أفضل. إن الاهتمام برأس المال البشري قادر على خلق الاستدامة بين أعضاء المنظومة، وإضفاء روح ديناميكية بين طاقم العمل وهذا من شأنه خلق مناخ صحي وإيجابي وتحويل ذلك لنتائج ترفع مؤشر الأداء المؤسسي وضمان تحقيق أهداف المنظمة والنهوض بها.