في البدء عليّ الاعتراف بأن الاتحاد العربي في هذا الموسم حقق قفزة نوعية في بطولاته بتقديمه الحوافز المادية المجزية وتعاقده مع الشركة الراعية لبطولاته، ولكن يتبادر إلى الذهن أكثر من سؤال: هل الهدف من المشاركة مادي فقط؟وهل إيجابيات هذه البطولة أكبر من سلبياتها؟وهل استفاد اللاعب من هذه البطولة فنياً؟ إذا ما أردنا العودة ومحاولة الإجابة عن هذه التساؤلات والإبحار في فكر الأمين العام للاتحاد العربي، فإننا وللأسف الشديد سنجد أن هناك غيمة سوداء خلفتها رياح البطولة على اللاعبين والأندية المحلية والمنتخبات الوطنية، وخصوصاً المنتخب السعودي الذي يعد أكبر المتضررين. وإذا كنا في زمن العولمة وفي زمن سطوة المال فإننا لابد أن نذكر أن للرياضة وللكرة أهدافاً أخرى لابد من الحفاظ عليها، فلا يمكن للاعب الذي يشارك في موسم محلي طويل وشاق في بطولات الأندية القارية، ومع منتخب بلاده في بطولات رسمية ومهمة، أن يكون تحت حكم الشركة الراعية التي تهدف في المقام الأول إلى الربح المادي وتحت وطأة وحنكة وخبرة الأمين العام! إن بطولة مثل التي نراها تمتد لتسعة أشهر متواصلة، وتلعب 112مباراة، ولا يمكن المشاركة فيها إلا ل30 لاعباً فقط يتم تسجيلهم قبل البطولة، وذلك حسب لوائح البطولة "الفذة" وفي هذه البطولة الطويلة والمرهقة، أمر لا يمكن قبوله، فهذا الدوري المحلي في السعودية أصبح مثار سخرية وجدل في آن واحد، لكثرة التوقفات التي تزيد في بعض الأحيان على الشهر والنصف يدفع ثمنها كل الأندية السعودية، وينتج عنها ضغط بعض المباريات في فترات أخرى من أجل دوري أبطال العرب الذي يتم تعديل جدوله بصورة مستمرة ودائمة! وهذا المنتخب السعودي بطل آسيا 3 مرات، والمتأهل لكأس العالم أيضاً بالعدد ذاته، كاد يحرم من الفوز على سريلانكا في تصفيات كأس العالم، بعد أن خاض اللقاء دون أي معسكر وبتشكيل ضمّ عدداً من اللاعبين الاحتياطيين في أنديتهم مثلوه كأساسيين بسبب الإرهاق والإصابات التي يعاني منها اللاعبون الذين ينتمون للأندية المشاركة عربياً، ما يجعل تأهل المنتخب السعودي للتصفيات النهائية لكأس العالم أمراً مشكوكاً فيه إذا ما استمر الحال على ما هو عليه بتفضيل مشاركات الأندية في البطولة العربية على حساب المنتخب والدوري! ولا أدل على ذلك من شيء إلا صرخة المشرف العام على المنتخب عندما اشتكى من إرهاق اللاعبين الدوليين وكثرة عدد المصابين ولخبطة برامج إعداد المنتخب! وأمام كل هذه المعوقات والانسحابات التي بدأت تظهر يخرج علينا الأمين العام ليقول: "إن اللاعب الأوروبي يخوض حوالي 90 مباراة في الموسم وهو ما يفيده، وهدفنا أن نوصل اللاعب العربي لهذا الرقم"!!! هل هذا الحديث منطقي؟ هل هو علمي؟ هل يصبّ في مصلحة اللاعب العربى؟ وهل المعطيات التي ظهرت تشير إلى ذلك؟ هل مثل هذا الطرح والفكر سيطور الكرة العربية؟ نحن نعلم الاهتمام الكبير جداً والحرص الدائم من قبل رئيس الاتحاد العربي ونائبه على تطوير الكرة العربية ومنافساتها، وهو ما يلمسه الرياضي العربي في كل مكان وزمان، ولكن هذا لن يتحقق - من وجهة نظري الشخصية - إلا بتطبيق عنصرين مهمين، هما عدم تفضيل رغبات الشركة الراعية على حساب مصلحة اللاعب العربي، وعلى حساب المنتخبات، وعلى حساب المسابقات المحلية التي هي أساس تطور اللاعب والمنتخبات العربية. أما العنصر الثاني، وهو مع احترامنا وتقديرنا لما تبذله الأمانة العامة بقيادة عثمان السعد والمجهود الكبير الذي بذلوه عبر عقود من الزمن، إلا أنه حان وقت تكريمهم لما بذلوه من جهد واجتهادات يشكرون عليها، وإعطاء الفرصة للعديد من الكوادر العربية المؤهلة بشكل جيد لإكمال المسيرة للأمام.