سؤال يطرح نفسه: لماذا الدور السعودي البارز والريادي، في الحراك العالمي، يقلق مضاجعهم، ويشتت أذهانهم، ويدفعهم للركض في الكرة الأرضية شرقا وغربا شمالا وجنوبا، لفبركة الأحداث وتحوير مساراتها؟ في محاولات يائسة، لإعاقة الحضور القيادي والثقل المحوري الذي تتمتع به الرياض على الصعيدين العربي والدولي، وإحباطها المؤامرات الخبيثة التي تحاك ضد الأمتين العربية والإسلامية، لا ترهقهم المسافات ويواصلون الحملات المسعورة، مجندين أبواقهم المأجورة، ولا تتوافق المبادرات والمواقف السعودية المخلصة مع قذارتهم، وتحبطهم المقومات الريادية التي تمنح المملكة هذا الدور الكبير، والثقل السياسي في المحافل الدولية، والإستراتيجية المتزنة التي تدفعها للانحياز المطلق إلى ما يخدم البشرية، انطلاقا من قيمها الدينية والإنسانية. السعودية وعبر تاريخها اعتادت أن تكون موضوعا حيويا ومؤثرا في السياسات الدولية، ولم تلتفت لتلك الفئات النكرة، التي يتم شحنها بالطاقات السلبية، وتقتات من نشر الفتن والأزمات، وستمضي الرياض في مواصلة صنع تاريخ جديد يخدم شعبها، وأمتها، متجاوزة الاقزام، خصوصا أن العالم يدرك أن المملكة لم تعد دولة مصدرة للنفط وحسب، بل دولة فرضت لها مكانة مميزة بين الكبار، ورسمت سياساتها ونهجها بعيدا عن الخنوع، ولكن مرتزقة الإعلام، الذين تجمعوا خلف منابر التضليل، بحثا عن القوت أيا كان مصدره ومشروعيته، بعد أن تقطعت بهم السبل، ولا يردعهم وازع ديني ولا أخلاقي، تجردوا من كل المبادئ والقيم، تلك هي بعض الشروط التي لم يترددوا في القبول بها للدخول في هذه المهنة، والتي تتصدر عقودهم، التي بصموا عليها، لا شرف للمهنة في قواميسهم، ويصل الأمر إلى النيل حتى من أوطانهم التي لفظتهم، بل واحتضنتهم دول المهجر، وأنشأت لهم مراكز للتدريب على احتراف الكذب والتدليس وتشويه الحقائق، ومنتجة السيناريوهات، والتقارير المشوهة والمفضوحة، وكل ما نفد مخزونهم عادوا للتكرار، والاستعانة بعدد من المنتفعين والمزيفين والعملاء وخبراء المناسبات المدفوعة الذين أصبحوا زبائن تلك الدكاكين.. الإعلامية المعلبة. ستمضي الرياض وسط هذا «النباح» ولن يعيقها ذلك عن التصدي للإرهاب والتخريب والتدخلات العبثية للدول المارقة ومليشياتها وعملائها وأذرعها، وفي مقدمتها إيران. ولعل المواقف المضيئة لهذا الوطن المفخرة في نصرة قضايا الحق تتجلى واضحة ولم تتغير منذ تأسيس الدولة السعودية ولن تحيد عنها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، قضية العرب والمسلمين الأولى، التي تتعرض للمتاجرة حتى من بعض الفلسطينيين المحسوبين على القضية. لم تتأخر المملكة في التشديد على دعم الفلسطينيين لنيل حقوقهم المشروعة في كل المحافل الدولية، وعلى الرغم مما تواجهه الرياض من بعض الفصائل والعملاء من تجنٍ وتشكيك وجحود إلا أن موقفها الثابت لا تهزه ممارسات الخونة، ولم تتخذ موقفا عقابيا ضد شعب مقابل حفنة من المأجورين، ولم تلتفت للمواقف الدولية المتأرجحة التي توجهها بوصلة المصالح التي كانت خلف الأزمات المشتعلة في المنطقة العربية، ففي اليمن سارعت الرياض وأشقاؤها في تحالف عربي لتلبية نداء الحكومة اليمنية الشرعية لدعمها في وقف عبث المليشيات الحوثية بمقدرات البلاد والعباد، والتي تأتمر من قم، تحت غطاء صفوي خبيث وأهداف توسعية تهدد أمن الخليج والمنطقة، وسعت المملكة بمشاركة التحالف العربي إلى دعم اليمنيين لتوحيد صفوفهم والتصدي لمليشيات طهران وأذرعها، وفي مقابل هذا الحراك ظلت الأنشطة التخريبية للعملاء تضرب كل جهد في ظل تباين المصالح الدولية في دعم القرارات الأممية الصادرة المتمثلة في استعادة الحكومة الشرعية للعاصمة المحتلة من المليشيات التي تديرها طهران، خصوصا أن القرارت واضحة وصريحة، من بينها القرار 2216 الذي يطالب بحظر توريد الأسلحة والعتاد إلى تلك المليشيات التي تمول من عمائم الشر في طهران، كما طالب القرار بتفتيش الشحنات المتجهة إلى اليمن اعترافا بأن ملالي قم يقفون وراء هذه الحرب العبثية. ودعا القرار المليشيات الحوثية إلى وقف العبث وجرائم القتل والتصفية وسحب قواتها من المناطق التي فرضت سيطرتها عليها، بما في ذلك صنعاء. ولكن ظلت هذه القرارات للاستهلاك الإعلامي مع وقف التنفيذ معلقة وحبيسة أروقة المنظمة الدولية كسابقها من القرارات المتعلقة بنصرة الحق واستعادة الحقوق المشروعة والتصدي للمارقين وتحقيق الأمن والاستقرار العالمي ونبذ شريعة الغاب، وهي القوانين التي على أساسها قامت تلك المنظمات الدولية. كما الوضع مع نظام دمشق مع القرارات الدولية التي صدرت وأبرزها القرار 2254، التي كانت تنادي بحقن الدماء وإنهاء معاناة الشعب السوري والدمار الذي لحق بالممتلكات من قبل نظام دموي، قتل وشرد الملايين، ولا زال قابعا على هرم السلطة، فوق أطلال بلد مزقته المصالح الدولية والتجاذبات. ودعمت الرياض المواقف والقرارات الدولية ذات العلاقة، والتي تحقق الأمن والاستقرار في هذا البلد والمنطقة، ومع هذا لم تسلم من السيناريوهات المكشوفة وحملات التشويه المغرضة. وكما هو السرطان الإيراني الخبيث يسابق الزمن للانتشار في جميع أجزاء الجسد العربي، هناك عواصم عربية استسلمت ولم تنجح في مقاومة هذا الداء الخبيث، ومنها من غذت تفشيه وتسترت خلف الأقنعة المزيفة ودعمت أجنداته هربا من أنظمتها المتهالكة، بدءا من الدوحة، مرورا ببغداد ووصولا إلى بيروت، وظلت الرياض تتحمل عبء التمزق العربي من المحيط إلى الخليج وتتصدى بكل ثقة وحزم وتقف في وجه التيارات المتلاطمة وتصنع لكل حادثة حديث وفق إستراتيجية تخدم المصالح المشتركة، وتتوافق مع تطلعات الشعوب، وتتخلص من أحمال لم تجن منها سوى الخذلان والنكران والجحود. هل عرفتم لماذا تتعرض السعودية الوطن الشامخ بتاريخه ومواقفه ورجاله لكل هذه الحملات المسعورة وطعنات الغدر والخيانة؟ لأنها بلد التسامح ومملكة الإنسانية التي تسعى بكل ما تملك لدعم الاستقرار والأمن في العالم وتحقيق التنمية البشرية في العالمين العربي والإسلامي.