تبلغ طاقة مدينة الملك الطبية بالرياض السريرية 1095 سريراً وتحتوي على أحدث التجهيزات والمعدات الطبية وهي من أكبر المراكز الطبية في مجال علاج الأمراض المستعصية والنادرة وبلغت تكلفة إنشائها مليارين و300 مليون ريال. وتم تشغيل مستشفيات المدينة بالتدرج حيث بدئ العمل بمستشفى الأطفال ثم مستشفى الولادة ثم مركز التأهيل ثم المستشفى الرئيسي الذي يضم كافة التخصصات الطبية ويتسع ل (459) سريراً وتبلغ تكلفة التشغيل مليار ريال سنوياً. وهذه المدينة أشبه ما تكون بالحلم الذي تحقق لسكان مدينة الرياض التي تنمو نمواً مطرداً. ظل سكانها في ترقب ومتابعة دقيقة لمراحل افتتاحها لكي تقوم باستيعاب السكان وتفي بحاجاتهم. سارت هذه المدينة في البداية التي شهدت تعاوناً كبيراً من قبل موظفي مستشفى السليمانية للأطفال بمقره السابق إلى الجديد في المدينة في مدة لا تتجاوز 14 يوماً رغبة في المشاركة في هذا الصرح الطبي إلاّ ان الفاجعة التي يصفها الموظفون بالمدينة هي أننا نعمل منذ سنوات عديدة في وزارة الصحة البعض منا جاوز الخمسة عشر عاماً. ثم تم تحويلنا إلى نظام التشغيل الذاتي بعد انتقالنا للمدينة الذي أجحف حقوقنا وفقدنا خدماتنا لتلك السنين الماضية سواء من نظام العلاوات والترقيات وغيرها. كان أول بوادر هذا النظام هو مطالبة الموظفين بالتوقيع على اقرار على الموافقة بالعمل على وظيفة (...) وبمرتب قدره (...) ويتعهد بعدم المطالبة بأي زيادة في الراتب أو التظلم منه وان يشغل تلك الوظيفة بالعمل بنظام الورديات. الاقرار جلب الكوابيس المزعجة والدخول في دوامة من التفكير والقلق دفعت الكثير من الموظفين إلى الخروج والبحث عن موقع آخر يواصلون عملهم دون ان يكونوا حسب وصفهم مضطهدين بعد ان قاموا طوال العام الأول بجهود كبيرة لتشغيل مستشفى الأطفال ولكن تم استغلال جهودهم ثم تقديم تغيير فرضي بين الانخراط في برنامج التشغيل الذاتي أو الانتقال إلى مستشفى آخر. عطفاً على تدريب إلزامي لكوادر أخرى بديلة وغير وطنية فهم يرون ذلك كله مرحلة للانتقال من الحماية والاستقرار والمساواة والمزايا والضمانات الوظيفية إلاّ ان ذلك لم يتوقف بل تعدى إلى ان أصدر المدير العام التنفيذي للمدينة الدكتور عبدالله بن سليمان العمرو قراراً يقول فيه حيث يجري الآن نقل جميع الموظفين العاملين بمدينة الملك فهد الطبية الذين هم على ملاك الشؤون الصحية إلى نظام التشغيل الذاتي وبما أننا في طور تطوير الإدارات والخدمات المقدمة فإننا نطلب منك التنسيق مع المديرية العامة للشؤون الصحية للبحث عن الوظيفة المناسبة لك خارج المدينة مقدرين فترة وجودكم الماضية معنا. بهذه الخطابات المجحفة والمضطهدة قابلت إدارة المدينة جهود موظفيها ولم يقدروا بأن ما قاموا به هو واجب وطني وإنساني. ويتساءل الموظفون لماذا لم يتم ابلاغنا ان العمل بالمستشفى هو لفترة مؤقتة حتى نقوم بأخذ الاحتياطات المستقبلية. ولماذا تم استثناء المدينة من عدم اندماج النظامين التشغيل الذاتي والخدمة المدنية تضاف له ساعات عمل إلى حد متساو بنظام التشغيل كما هو مطبق بمستشفى قوى الأمن والملك فهد بالحرس الوطني والقوات المسلحة ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والأبحاث والمستشفى العسكري بالرياض. المعضلة الأخرى التي يعاني منها أعضاء المدينة هو السكن الذي يضم 2287 وحدة سكنية للعائلات والعزاب. وقد أكد سمو رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء في رد له على المعاملة المرفوعة من قبل معالي وزير الصحة إلي مجلس الخدمة المدينة بشأن اسكان الوزارة لمنسوبيها من الأطباء السعوديين والمسؤولين ان مجلس الخدمة المدينة قد اتخذ حياله قراراً يفيد بأنه يجوز اسكان الأطباء بشروط في المساكن التابعة لوزارة الصحة واشترطت نصاً ان يكون ممن يمارسن الطب بصفة فعلية. ان يكون السكن مملوكاً للدولة وداخلاً ضمن منشآت المرفق الصحي الذي يعمل به. هذا القرار دفع الأطباء الاستشاريون السعوديون العاملون في المدينة بطلب سكن إلى معالي وزير الصحة منذ أكثر من سنة في تاريخ 24/4/1424ه ثم بعد ثمانية أشهر وبالتحديد في تاريخ 3/1/1425ه أعادوا الطلب مرة أخرى ولم يتم الرد عليهم من قبل معالي الوزير. ليتفاجأدوا وبحسب الأوراق والمسيرات الرسمية التي حصلت «الرياض» عليها وجود ستة وحدات سكنية تم اعتمادها لأشخاص ليسوا من منسوبي المدينة ولا يعملون بها بل هم في وزارة الصحة. لذلك يتساءل الموظفون هل هؤلاء مستوفون للشروط كما جاء في رد سمو رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء. ومن يتحمل هذه التجاوزات الصريحة!! ويواصل الموظفون شكواهم من وجود مخالفات يتفاوت حجمها تؤكد ان هناك خللاً واضحاً في إدارة هذه المدينة الطبية التي تضم أربعة مستشفيات تضم 86 رئيسة قسم تمريض وبحسب المسيرات والكشوفات التي حصلت «الرياض» عليها ان 73 من هؤلاء من دولة واحدة وتتفاوت مرتباتهم حيث ان البعض منهن مرتباتهن 3500 والبعض 12 ألف ريال دون ان يكون هناك توضيح الفوارق ويتساءل الموظفون لماذا لا يكون من بينهم سعوديات بالرغم من ان هناك اعداداً كبيرة من الخريجات من هذا التخصص وهل يحقل ان تتطلب المدينة كل هذه الأعداد. حيث ان البعض منهن يتجاوز عمرها 54 سنة متساءلين عن أسباب استقدامهن بهذا السن الكبيرة رغم ان تخصصهن غير نادر ومتوفر بشكل كبير. وفي الوقت الذي ينتظر الجميع هذا الصرح الطبي العملاق لكي يوجد أكبر عدد من الوظائف إذا علمنا ان اعداد العاطلين تسجل ازدياداً ملحوظاً سواء بين المتعلمين أو من ذوي الشهادات المتوسطة، فقد قامت إدارة المدينة بتصرف يكشف ويؤكد أنها تسير بعشوائية وتخبطات فقد قامت بالتعاقد مع 250 ممرضة من دولة كوسوفا وليست هذه المشكلة بل هي أنهن لا يجدن التحدث باللغة الإنجليزية والعربية، حيث وجه وكيل وزارة الصحة المساعد لاعداد وتطوير القوى العاملة الدكتور عبيد بن سلمان العبيد قبل ثمانية أشهر خطاباً إلى المشرف العام على مدينة الملك فهد الطبية بأن يتم الاستفادة من هؤلاء المتعاقد معهم من كوسوفا والتي تتمثل مشكلتهم في اللبس واللغة الإنجليزية وبناء على ما جاء به معاليه ان يستفاد منهم في مستشفيات أخرى داخل وخارج الرياض مع تدريبهم وتأهيلهم في الشهرين القادمين ليعملوا بمستشفى الملك فهد بالدمام عند بدء تشغيله في سبتمبر وهذه الطريق تحقق الأمر المطلوب وهو تأهيلهم كمسلمين قادمين من بلد شقيق وتعريفهم بالتقاليد الإسلامية. ويتساءل الموظفون والحسرة تعتصر أصواتهم هل هذا التصرف الذي كلف الدولة ملايين الريالات هو صائب أم لا؟! ان نقوم باستقدام ممرضات ونقوم بتدريبهن هل لا يوجد ممرضات سعوديات!! هذا الهدر المالي والصرف على أمور لا تفيد ولا تحقق أي مصلحة للمدينة، بل على العكس هي ارتجالية عشوائية تحتاج إلى تدخل عاجل من المسؤولين لكي تحقق هدفها المنشود والمرجو منه بمشاركة كوادر وطنية لا ان يتم التركيز على العنصر الأجنبي. ويضيف العاملين بأننا لم نسمع في أي نظام للتشغيل الذاتي ان يكون هناك تحديد تضيف الرواتب وهذا هو ما يدفع إلى عدم التطوير والاجتهاد إذا علمنا أننا سوف نتوقف عند سقف محدد. هذا الصرح الطبي العملاق لم تتوقف سلبياته فقط على الموظفين بل تعدى للمواطنين الذين افتتحت من أجلهم فإنه من الصعوبة الحصول على علاج حيث إن أحد المواطنين حاول علاج طفلته في طوارئ مستشفى الأطفال إلاّ أنه قوبل بالرفض بحجة أنه ليس لديه تحويل!! الدخول للمستشفى والحصول على علاج لا يمكن إلاّ لشخص لديه واسطة. «الرياض» تنشر هذه المعاناة للموظفين الذين بدأوا يغادرون المستشفى واحداً تلو الآخر إما استغناء أو بخطابات تطلب المغادرة حتى أصبحت المدينة خاوية ونسبة السعودة بدأت تتناقص. وذلك بعد الاطلاع الكامل على المسيرات والكشوفات الخاصة بالمدينة ننتظر حلاً وتدخلاً سريعاً ينقذها من هذا التدهور.