أكد أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس –خلال اجتماعهم في الدورة السادسة والأربعين للمجلس الأعلى التي عُقدت في الصخير بمملكة البحرين– تمسكهم بالمبادئ التي تأسس عليها المجلس منذ عام 1981، وترسيخهم لنهج الآباء المؤسسين في تعزيز الوحدة والتكامل. وفي مستهل بيان القمة، شدد القادة على أهمية تعزيز الروابط الراسخة بين الدول الأعضاء، تعبيرًا عن تطلعات شعوب الخليج نحو مزيد من الأمن والاستقرار والازدهار. وأكدوا عزمهم على مواصلة مسيرة التنسيق في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بما يعزز العمل الجماعي ويفتح الطريق أمام تحقيق الوحدة الخليجية المنشودة. وأعرب القادة عن ارتياحهم لما تحقق خلال مسيرة العمل الخليجي المشترك من منجزات تكاملية، تجلت في منظومة دفاعية وأمنية متماسكة، ومواقف دبلوماسية متزنة، ومشروعات اقتصادية وتنموية مستدامة. كما دعوا إلى مواصلة العمل بوتيرة أسرع لاقتناص المزيد من المكتسبات لدول المجلس وشعوبها. وفي السياق السياسي والأمني، أكد القادة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ورفضهم استخدام القوة أو التهديد بها، مشددين على أن أمن دول الخليج كلٌّ لا يتجزأ، وأن أي تهديد لسيادة دولة عضو يعد تهديدًا مباشرًا لأمن الجميع. وبخصوص التطورات الإقليمية، أعاد القادة التأكيد على موقف مجلس التعاون الداعم لتحقيق سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، مرحبين بمخرجات قمة شرم الشيخ للسلام، ومؤكدين دعمهم للجهود الدولية الرامية إلى تنفيذ اتفاق إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتيسير إيصال المساعدات الإنسانية، وإعادة الإعمار، وصولًا إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، وفق حل الدولتين ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية. وفي الملف الاقتصادي، شدد القادة على أهمية استكمال متطلبات السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي، وتعزيز التجارة والسياحة، وتشجيع الاستثمار في المشاريع الاستراتيجية، وخاصة في مجالات البنية التحتية والطاقة والاتصالات والمياه والغذاء. كما أكدوا أهمية تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتيسير التجارة الإلكترونية، وتطوير أنظمة الدفع الرقمي والخدمات السحابية، بما يعزز المواطنة الاقتصادية ويدعم التنمية المستدامة. كما أبرز البيان حرص قادة الخليج على تعزيز مسارات التنويع الاقتصادي وتبني اقتصاد قائم على الابتكار والاستدامة. وفي هذا الإطار، شدد القادة على تطوير التعاون في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، ضمن استراتيجية خليجية موحدة تدعم التكامل المعرفي، وتواجه التحديات الرقمية، وتوفر بيئة آمنة للمجتمعات الخليجية، مع التأكيد على تعزيز دور الشباب والمرأة وتمكين مراكز الفكر والبحوث في صياغة السياسات التنموية. وفي الجانب البيئي، جدد القادة التزامهم بالمبادرات الخليجية والدولية لمواجهة التغير المناخي، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتعزيز مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة، بما يتماشى مع أهداف الحياد الصفري والتنمية المستدامة. كما أكد القادة أهمية تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات الأمنية، ومكافحة الإرهاب والتطرف وخطابات الكراهية، والتصدي للجرائم العابرة للحدود، ودعم جهود القوات البحرية المشتركة المتمركزة في البحرين، بما يعزز أمن الطاقة وسلامة الملاحة البحرية، ويضمن أمن التجارة الدولية. كما شددوا على ضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل. وعبّر أصحاب الجلالة والسمو عن دعمهم لمملكة البحرين في تمثيلها المجموعة العربية في مجلس الأمن خلال العامين المقبلين، مؤكدين ثقتهم في دورها الفاعل في تعزيز الأمن والسلم الدوليين. كما ثمّن القادة مشاركة رئيسة وزراء إيطالياجورجيا ميلوني في جلسة المباحثات الخليجية–الإيطالية، والتي أسفرت عن الاتفاق على خطة عمل مشتركة للارتقاء بالعلاقات إلى شراكة استراتيجية شاملة. وفي ختام القمة، شدد القادة على ضرورة تطوير آليات التعاون المؤسسي داخل مجلس التعاون، وتوسيع آفاق التضامن والتكامل الاستراتيجي، بما يحقق الأمن والرخاء المستدام لدول الخليج وشعوبها، ويسهم في بناء عالم أكثر عدلًا وازدهارًا، مؤكدين التزامهم الراسخ بالمبادئ التي تضمن مستقبلًا أكثر إشراقًا واستقرارًا لمنطقة الخليج