سجل سوق العملات تقلبات سعرية قوية خلال الأيام القليلة الماضية حيث تفاعل المتداولون مع قرارات البنوك المركزية الأمريكية والأوروبية واليابانية حول مستويات أسعار الفائدة. تأثر السوق أيضا بالبيانات الاقتصادية الأمريكية التي جاءت أقوى من المتوقع يوم أمس والتي أظهرت أن الاقتصاد الأمريكي قد يكون أكثر مرونة مما كان يعتقد سابقا ويمكن أن يدفع الفيدرالي للحفاظ على سياسته النقدية المتشددة إلى حد ما من أجل تحقيق هدفه للتضخم. ويرى وائل مكارم، كبير إستراتيجي السوق - منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في Exness أن القرارات المتتالية للفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي والبيانات الاقتصادية قد تدعم الدولار الأمريكي إلى حد ما في حين بدا أن البنك المركزي الأوروبي توخى نظرة أقل حدة حيث أنه قد يعتبر إمكانية توقف مؤقت في رفع أسعار الفائدة في المستقبل إذا لزم الأمر. في الوقت نفسه، قد يجد الين الياباني بعض الدعم على المدى المتوسط حيث قد يبتعد بنك اليابان ببطء عن سياسته النقدية الحالية حيث يحاول موازنة النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم. ومن جهة ثانية وكما كان متوقعاً، فقد رفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساسي إلى 4.25%. فيما لم يحمل خطاب رئيسة البنك، كريستين لاغارد، إشارات واضحة إلى الاستمرار مستقبلاً في رفع أسعار الفائدة. وأشارت لاغارد إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل عام نتيجة عدد من العوامل لكنه وفي ذات الوقت يسير نحو التراجع. كان أبرزها المرونة في سوق الوظائف مما يُترجم إلى ارتفاع في مستويات الدخل، إضافة إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية في البحر الأسود بالتزامن مع ظروف المناخ التي قد تدفع أسعار الغذاء للارتفاع بشكل أكبر من المتوقع على المدى القريب. وأكدت لاغارد على أن التضخم سيستمر في التراجع باتجاه مستهدفه عند 2% وأن القرارات اليوم كانت بناءً على توقعات التضخم في المستقبل القريب. أما حول القرارات المستقبلية بشأن سعر الفائدة، فلم تؤكد لاغارد على نية البنك المركزي الأوروبي في الاستمرار في رفع أسعار الفائدة وذلك بنبرة مشابهة لتلك التي سمعناها في خطاب الاحتياطي الفيدرالي الأمس. كما أضافت لاغارد أن القرارات المستقبلية بشأن سعر الفائدة ستعتمد على ما هو قادم من البيانات الاقتصادية. أما في الحديث عن الظروف الاقتصادية لمنطقة اليورو، فقد أشارت لاغارد إلى الضعف العام مع النظرة المستقبلية الضعيفة لاقتصاد المنطقة وذلك بسبب ضعف الطلب المحلي والنشاط الصناعي والاستثمار الخارجي بسبب ارتفاع التضخم وظروف الائتمان المتشددة والتوترات الجيوسياسية. في المقابل، أكدت لاغارد على أن الداعم لاقتصاد منطقة اليورو هو قطاع الخدمات وتحديداً قطاع السياحة مع موسم العطلات الحالي، إضافة إلى سوق الوظائف القوي. أما حول استجابة الأسواق، فقد شهدنا تراجعاً شديداً لليورو مقابل الدولار إلى 1.10276 وذلك بانخفاض بنسبة 0.5% بالمقارنة مع اغلاق الجلسة السابقة، وبتراجع بنسبة 1% عن أعلى مستوى خلال جلسة اليوم. أيضاً، فقد شهدت السندات الأوروبية والألمانية تراجعاً حاداً مع اعلان القرار. حيث تراجع العائد على السندات الأوروبية لأجل عامين بنسبة 2.69% مقارنة مع إغلاق الجلسة السابقة إلى 3.183% خلال ذروة الانخفاضات. فيما قد تتُرجم التراجعات الشديد في اليورو والسندات الأوروبية إلى تعزيز الأسواق لتوقعاتها السابقة بالقرب من انتهاء مسيرة التشديد النقدي بالفعل على الرغم من اللهجة المتشددة التي سمعناها في الاجتماعات السابقة من البنوك المركزية، وأن هذا الرفع لسعر الفائدة، سواء من الاحتياطي الفيدرالي أم البنك المركزي الأوروبي، قد يكون الأخير هذا العام تمهيداً للبدء في خفض أسعار الفائدة في العام 2024 على الأقل.