طالب عدد من المرشحين للانتخابات الرئاسية في ليبيا المجلس الرئاسي ب "فرض حالة الطوارئ" في البلاد. وأصدر أكثر من عشرين مرشحا بيانا فجر الثلاثاء، ثمّنوا فيه رؤية المجلس الرئاسي للعملية الانتخابية وضرورتها، باعتبارها تعبيرا عن إرادة الناخبين والوسيلة الوحيدة للاستقرار وإنهاء المراحل الانتقالية. وفي حين أكد المرشحون دعمهم جهود الأممالمتحدة ومحاولتها التوصل لقاعدة دستورية، دعوا المجلس الرئاسي للاضطلاع بمسؤولياته المنصوص عليها في الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، والتعامل مع حالة الانسداد السياسي، وذلك باللجوء إلى مقتضيات حالة الضرورة لمعالجة الأوضاع التي تهدد الأمن الوطني ووحدة البلاد والاستقرار. وطالب المرشحون المجلس بدفع مجلسي النواب والدولة نحو التوافق على اختيار حكومة توافقية مصغرة لا تتجاوز مدتها ستة أشهر، تكلف بإعداد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن. وطالب البيان المجلس بإعلان حالة الطوارئ "في حال عدم اتفاق المجلسين"، على ألا يخل ذلك بمراعاة ضمان الحق في التعبير وحرية التنقل وممارسة الحريات العامة أو ما في حكمها، ولمدة ستة أشهر، أو لحين الانتهاء من الاستحقاق الانتخابي بشقيه التشريعي والرئاسي- أي الأجلين أقرب. هذا بالإضافة لاعتبار مجلسي النواب والدولة في إجازة تشريعية تمتد إلى حين الانتهاء من الاستحقاق الانتخابي بشقية التشريعي والرئاسي، وتولي المجلس الرئاسي كافة السلطات شرط عدم المساس باستقلال السلطة القضائية". وبحسب الخطة التي وضعها المرشحون، يتم تكليف فريق من الخبراء القانونين بإعداد قاعدة دستورية مؤقتة تجرى على أساسها الانتخابات البرلمانية والرئاسية بشفافية ونزاهة، ووفقا للمعايير الدولية لإجراء الانتخابات تحت إشراف القضاء الوطني ومراقبين دوليين. وهذا بالإضافة للإعلان عن قائمة المرشحين وحفظ حقوقهم الانتخابية والقضائية، وإعادة تنظيم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وتحديد وضعها القانوني بحيث تعمل تحت الإشراف المباشر للقضاء، وتكليفها بفتح سجلات الناخبين، وتحديد موعد لإجراء الانتخابات. وأوضح المرشحون أن مطالبهم تأتي بعد فشل إجراء الانتخابات، والتأكد من توفر حالة الضرورة بسبب عدم نجاح محاولات التوفيق والتوافق بين المجلسين، هذا بالإضافة لاستمرار تعطيل عمل الدائرة الدستورية للبت في الخلافات القانونية القائمة. من جهة أخرى، وصفت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في ليبيا الإجراءات الأخيرة المتخذة من قبل مجلس النواب ب"غير الدستورية"، معللةً ذلك بأنها "صدرت بالمخالفة للإعلان الدستوري المؤقت، الذي حدد ملامح المسار الدستوري، وأناط بالهيئة التأسيسية دون غيرها مهمة صياغة مشروع الدستور الدائم للبلاد، وهو ما تم في يوليو 2017 وبأغلبية تتجاوز تلك المشترطة دستوريا". وتتمثل إجراءات مجلس النواب في مقترح التعديل الدستوري الثاني عشر وقرار رئيس المجلس تشكيل لجنة تتولى تعديل بعض مواد مشروع الدستور المنجز من الهيئة. وأصدرت الهيئة صباح الثلاثاء بياناً اعتبرت فيه إجراءات النواب "مخالفة للاتفاق السياسي الليبي، الذي اشترط التوافق مع المجلس الأعلى للدولة عند إجراء أي تعديلات دستورية". وهو ما لم يتحقق، بعد رفض الأخير لمقترح التعديل الدستوري الثاني عشر. وبحسب الهيئة فإن الإجراءات "تخالف أيضاً أحكام القضاء الليبي والمبادئ التي استقر عليها، من عدم جواز التعقيب على أعمال الهيئة التأسيسية إلا من قبل الشعب عبر استفتاء عام". وقالت الهيئة بهذا الشأن: "لا يجوز لمجلس النواب أو غيره المساس بمشروع الدستور، لأنه يشكل تعديا على أعمال سلطة تأسيسية منتخبة من الشعب مباشرة، ولا تتبع لأي جهة، وأسبغ عليها المشرع الدستوري حماية دستورية مستمرة إلى ما بعد انجاز مشروع الدستور". ووفقاً لذلك، اعتبرت الهيئة، إجراءات النواب "أحادية الجانب، ولا تمثل إلا مجموعة من النواب، وتفتقر لأي قيمة دستورية". وحذّرت الهيئة من أن هذه الإجراءات قد تؤدي ل "إجهاض للمسار الدستوري عبر إدخاله في دائرة المماحكات والتجاذبات السياسية"، متّهمة المجلس بمحاولة سلب الشعب الليبي حقه في الاستفتاء على مشروع الدستور. وأشارت الهيئة لإحالتها مشروع الدستور إلى مجلس النواب منذ نحو خمس سنوات، وإصدار قانون استفتاء بشأنه من المجلس، دون تفعيله. وأكدت تمسكها باختصاصها دون غيرها بصياغة مشروع الدستور الدائم، وعدم اعتدادها بأية إجراءات مخالفة تتضمن المساس بالمشروع، واعتبار هذه الإجراءات أعمالا مادية هي والعدم سواء. ودعت الهيئة الجهات الوطنية المعنية بالعملية الدستورية، وفي مقدمتها المجلس الأعلى للدولة والمفوضية العليا للانتخابات، بعدم التعاطي مع هذه الإجراءات، واتخاذ ما يلزم لتمكين الليبيين من إجراء عملية الاستفتاء على مشروع الدستور. وحذرت الهيئة من مغبة زيادة حالة الانقسام، وزعزعة الأمن والاستقرار. وطالبت البعثة الأممية ومستشارة الأمين العام بدعم العملية الدستورية، واتخاذ موقف صريح من أية إجراءات تهدف لحرمان الشعب الليبي من حقه في الاستفتاء على مشروع الدستور. كما دعت الجمعية العمومية للمحكمة العليا بتفعيل عمل الدائرة الدستورية و النظر في كل الخروقات التي تمس المسار الدستوري بما يضمن صونه والمحافظة عليه.