لا يبالي عمال إنشاء جسر (كوبري) طريق العروبة مع الدائري الشرقي بأبواق السيارات المزعجة ولا بدرجات الحرارة المرتفعة هذه الأيام وقت الظهيرة، إذ يستسلمون للنوم تحت ظل كوبري لا يقي من اللهب، مفترشين الرصيف ومتوسدين بقايا قطع البلاط وعلب العصير. وفي حين يبدو النوم وقت الظهيرة تحت «كوبري» تعلوه أصوات المركبات أمراً مستحيلاً لدى البعض، يقضي عمال شركة المقاولات المكلفة بإنشاء الكوبري (تحتفظ «الحياة» باسمها) قيلولتهم في هذه الأجواء، وسط تجاهل شركتهم لمطالبهم بتوفير أماكن مناسبة للراحة أو إعفائهم من العمل في هذه الفترة من اليوم. فمنذ أن بدأ العاملون تنفيذ المشروع وهم يقضون «قيلولتهم» تحت «الكوبري» على رصيف صنعوه بأيديهم، متوسدين بقايا قطع البلاط، وعلب العصيرات التي ينتهون من شربها، فيما يتخذون من أوراق الصحف وألواح الخشب مفارش لهم، تحت ظل «كوبري» لا يقي لهب صيف الرياض. ساعات عملهم تبدأ الثامنة صباحاً وتنتهي الخامسة عصراً، ولم يجدوا مكاناً لكسر جهدهم اليومي إلاّ بقيلولة لا تتجاوز مدتها الساعة والنصف، ليبدأوا من جديد مسار العمل اليومي، على رصف طريق حدد فيه مرور الرياض سرعة المركبات ب 80 كيلومتراً، والعمال الذين يتفاوت عددهم بين العشرة وال15 لم يجدوا حرجاً ولا انزعاجاً من أبواق «المركبات» المارة بجانبهم، ولا يخشون أيضاً خطورة وقوع حوادث مرورية مفاجئة قد تطولهم لخطورة الموقع. من يشاهدهم للوهلة الأولى، يعتقد أنهم متسكعون على قارعة الطريق، إلا أن الحقيقة هم عمال لشركة مقاولات شهيرة تولت تنفيذ مشاريع طرق ضخمة في مدينة الرياض وبعض المدن السعودية، لكن الشركة لم توفر لهم موقعاً يقضون وقت الاستراحة فيه. أحد المشرفين على العاملين في المشروع (فضل عدم ذكر اسمه) يؤكد ل«الحياة»، أن الشركة التي يعملون لديها لم توفر لهم موقعاً خاصاً مزوداً بالتكييف تابعاً لموقع المشروع، في وقت تصل فيه درجة الحرارة في الرياض إلى نصف درجة الغليان خلال فترة عملهم. من جهة أخرى، أكد المتحدث الرسمي لوزارة العمل حطاب العنزي ل«الحياة» أن أنظمة الوزارة تمنع عمل العمال تحت أشعة الشمس من الساعة ال12 ظهراً إلى الثالثة عصراً خلال شهري (تموز) يوليو وآب (أغسطس)، مشيراً إلى أنه لا يعلم مدى قانونية توفير مواقع مخصصة لاستراحة العمال.