اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية ليس يوماً عابراً في سجل الزمن، بل محطة متجددة نستحضر فيها معاني العز والفخر، ونسترجع قصة وطن بناه المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - على قواعد ثابتة من الإيمان بالله والعزيمة الراسخة والإرادة التي لا تعرف المستحيل. ففي السابع عشر من جمادى الأولى عام 1351ه، الموافق الثالث والعشرين من سبتمبر 1932م، أعلن للعالم توحيد هذه البلاد المباركة تحت راية واحدة، لتبدأ مسيرة وطن يعيش على فرح دائم، ويصنع في كل يوم قصة نجاح جديدة، إن هذا الوطن العظيم لا يعرف الجمود، بل يتجدد مع كل صباح، ففي كل يوم تجسيد لملامح نجاح وتطور وتفوق. هنا يفرح المواطن بنمو منجز، وهناك يحتفي العالم بمبادرة سعودية أحدثت فرقاً في الميادين الدولية. لقد أصبحت السعودية مثالاً مضيئاً لوطن يبني إنجازاته من رحم الطموح، ويجعل من تحدياته جسوراً لعبور المستقبل، وعندما نقرأ مسيرة العقود التي تلت عهد التأسيس، نجد أن أبناء الملك عبدالعزيز - رحمهم الله - قد حملوا الأمانة بوفاء، وساروا على العهد بصدق، فحافظوا على وحدة البلاد، وبنوا مؤسساتها، وشيدوا دعائم نهضتها. كان كل ملك من ملوك هذه البلاد لبنة في صرح البناء، فأضاف إنجازاً، ورسخ قيمة، وعمّق حضور المملكة إقليمياً ودولياً. وهكذا استمرت المسيرة في تصاعد لا يعرف التراجع، وفي العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - دخلت المملكة مرحلة جديدة من التطور المتسارع. فقد ارتكزت القيادة الحكيمة على موروث راسخ من الأصالة، لكنها في الوقت ذاته فتحت أبواب المستقبل على مصراعيه، عبر رؤية المملكة 2030 التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - لتكون خريطة طريق لمستقبل مزدهر، وحلم وطني يتحقق على أرض الواقع، لقد تحولت السعودية اليوم إلى مركز عالمي في الطاقة والاستثمار، ووجهة يقصدها العالم للرياضة والسياحة والثقافة، دون أن تتخلى عن ثوابتها الدينية التي جعلت منها قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم. إنها معادلة فريدة من الجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين التمسك بالجذور والانطلاق إلى آفاق الحداثة. فرحنا باليوم الوطني ليس ذكرى تقف عند حدود التاريخ، بل هو تذكير بأن هذه البلاد ولّادة للفرح في كل حين. فرحنا يتواصل مع كل مشروع ينطلق، ومع كل مدينة جديدة تتشكل، ومع كل إنجاز عالمي يسجل باسم المملكة. فاليوم الوطني هو إعلان مستمر بأن الوطن لا يقف عند إنجاز واحد، بل يفتح سجلاً متواصلاً من النجاحات. وما يزيد هذا اليوم بهجة، أنه يجمع أبناء الوطن على قلب واحد، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، يلتقون تحت راية التوحيد، وينشدون نشيد الولاء والفخر. فالسعودية ليست مجرد حدود جغرافية، بل هي كيان روحي وإنساني يتغلغل في وجدان مواطنيها، ويمنحهم شعوراً متصلاً بالعزة والانتماء، إن اليوم الوطني مناسبة لنستعيد فيها ذكرى البداية، ولنقف على المنجزات الحاضرة، ولنحلم بالمستقبل الواعد. إنه يوم يربط الماضي بالحاضر، والحاضر بالمستقبل، ليظل الوطن الغالي متجدداً لا يشيخ، متفوقاً لا يتراجع، وفرحاً لا ينقطع، ويبقى أن نقول: إن الفضل لله أولاً، ثم للمؤسس العظيم الملك عبدالعزيز - رحمه الله - الذي خطّ بيده ملامح الوحدة، وترك لأبنائه العهد فحافظوا عليه، حتى وصلنا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - لنعيش اليوم زمناً من الطموح والإنجاز، وزمناً من الفرح الذي يتواصل كل يوم، ليؤكد أن هذا الوطن الغالي سيبقى منارة عز وكرامة، ونموذجاً فريداً في الاستقرار والنهضة والريادة.