في كل عام، يأتي الثالث والعشرون من سبتمبر ليكون محطة تأمل في مسيرة وطنٍ انطلق من قلب الصحراء إلى مصافِّ القمم العلمية والاقتصادية والسياسية. إنه يوم نحتفي فيه بالإنجاز الكبير الذي حققه الملك المؤسس عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه - حين وحَّد هذا الكيان العظيم تحت راية واحدة، مؤسِّساً دولة تنطلق من القيم وتسمو بالطموحات. اليوم الوطني هو أيضاً قصة شعب، ففي كل بيت سعودي، يرتفع صوت الفرح، وتُرفَع الأعلام، وتتزيَّن المدن والقرى باللونين الأخضر والأبيض. مشاهد تعبّر عن وحدة وطنية تُجسِّد روح الانتماء، وتُظهر تنوُّع المملكة الثقافي في لوحة متجانسة تعكس التلاحم بين أفراد المجتمع، ونستحضر مسيرة وطنٍ تجاوز التحديات، وانتقل من بدايات صعبة إلى مكانة رائدة إقليمياً وعالمياً. شُيّدت مدنٌ عصرية، ومُدَّت شبكات طرق ضخمة تربط أطرافه المترامية، واستُثمر في الإنسان باعتباره الثروة الحقيقية وعماد المستقبل. نحتفل اليوم كذلك بالمستقبل الذي يتشكل أمام أعيننا، برؤية 2030 التي نقلتنا من الأحلام إلى الواقع، ومن الطموحات إلى المشاريع العملاقة. رؤية مكنت الشباب السعودي من خوض غمار المستقبل؛ فبات يقود، ويبتكر، ويُبدع في مجالات متنوعة: من الطب الحيوي إلى الاقتصاد الرقمي، ومن الصناعات الحديثة إلى صناعة المعرفة. واليوم، لم يعد طموحنا محصوراً في الأرض، بل بلغ عنان السماء، مع وصول رواد الفضاء السعوديين في لحظة تاريخية تُجسّد روح العصر والطموح؛ من خيمة البداوة إلى محطة الفضاء. وبينما نحتفل بذكرى التوحيد، فإننا ننظر إلى الأمام بثقة. هذا اليوم هو دعوة صادقة لكل فرد منَّا ليكون فاعلاً في مسيرة الوطن؛ بالعطاء، والاجتهاد، والبناء، والإسهام في صناعة مستقبل يليق بعظمة المملكة ومكانتها بين الأمم. إن اليوم الوطني احتفال بذكرى، وعهدٌ متجدّد بالولاء للوطن وقيادته الحكيمة، وبالوفاء لقيمه ومبادئه. إنها لحظة تأمل في نعمة الأمن والاستقرار، التي تُعدُّ الركيزة الأولى لكل نهضة وتقدُّم. وفي هذا اليوم، تتعزَّز مشاعر الانتماء، ويترسَّخ الوعي بأهمية الحفاظ على هذا الإرث العظيم، الذي لم يُبنَ صدفة، بل كان ثمرة إخلاص وتضحيات عظيمة. نسأل الله جلَّت قدرته أن يحفظ وطننا آمناً مزدهراً، ويُبارك في قيادته وحكومته وشعبه، ويجعل مسيرته في تَقدُّم، ومجده في ازدياد، ويمضي به نحو مستقبل يعانق السماء، ويديم علينا نعم الأمن والوحدة والرخاء، وكل عامٍ والمملكة تُشرقُ مجداً وتجدُّداً.