كشفت إيران، للمرة الأولى وبصورة علنية، عن مراجعة داخلية واسعة لإخفاقاتها العسكرية خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل، بالتوازي مع تحركات ميدانية وإستراتيجية؛ تهدف إلى إعادة بناء قدراتها الدفاعية وتعزيز منظومة الردع، في ظل مرحلة إقليمية توصف في طهران بأنها «لا حرب ولا سلم». ووفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز، بدأت القيادة الإيرانية بإعادة ضبط السردية الداخلية بعد صدمة الحرب، عبر الاعتراف بأوجه القصور العملياتي، وعرض ترسانتها العسكرية أمام الرأي العام في معرض ضخم أقيم بمنتزه إيران الوطني للطيران والفضاء غرب طهران، شمل صواريخ باليستية وفرط صوتية وطائرات مسيّرة ومركبات مدرعة. وأقرّ قادة عسكريون ومسؤولون حكوميون بأن أنظمة الرادار المحلية فشلت في منع الطائرات والمسيرات الإسرائيلية من تنفيذ ضربات داخل العمق الإيراني، بما في ذلك العاصمة طهران. وقال نائب قائد في الحرس الثوري خلال الحرب محمد رضا نقدي: إن إيران فوجئت بأسلوب العمليات الإسرائيلية، خاصة استهداف قادة عسكريين وعلماء نوويين داخل منازلهم. وأضاف: «أخطأنا في التقدير ونعترف بأننا كنا مخطئين». في هذا السياق، أكد المتحدث باسم الحرس الثوري، العميد علي محمد نائيني، أن إيران عملت خلال الفترة التي تلت الحرب على رفع دقة الصواريخ وكفاءتها، مشدداً على أن البرنامج الصاروخي كان عاملاً حاسماً في تقليص مدة المواجهة. وقال نائيني: «من دون الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، لاستمرت الحرب ثماني سنوات، كما حدث مع العراق، لا 12 يوماً فقط». ورغم نفي طهران تضرر مخازنها الإستراتيجية، لاحظ محللون أن عدد الصواريخ التي أُطلقت خلال الحرب كان أقل، وإن كانت أكثر تدميراً، ما أثار تكهنات بشأن سلامة البنية التحتية تحت الأرض. وفي هذا الإطار، قال دبلوماسي غربي رفيع في طهران: إن إيران قد تتجه إلى نقل مواقع الصواريخ إلى عمق شرق البلاد، بعيداً عن متناول الطائرات الإسرائيلية والأمريكية، لتعزيز الحماية وتقليل احتمالات الضربات الاستباقية. سياسياً، كثّفت طهران مشاوراتها مع موسكو لمنع هجمات إسرائيلية جديدة. وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، خلال مباحثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، ضرورة التنسيق لمنع تكرار الضربات على المنشآت الإيرانية. وأشار عراقجي إلى أن البلدين يتشاركان «نهجاً ووجهات نظر متقاربة» حول معظم القضايا الدولية، ويدعمان بعضهما على المنصات الدولية. من جانبه، شدد لافروف على أهمية اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين روسياوإيران، التي تمتد لعشرين عاماً، واصفاً إياها بأنها الإطار الناظم للتعاون في جميع المجالات ذات الأولوية، بما في ذلك القضايا الإقليمية والبرنامج النووي الإيراني.