«مرحباً بمن جاء يحمل زادي إلى الآخرة»، عبارة كانت تتردد على لسان التابعي الجليل الحسن البصري -رحمه الله-، لكل من أتاه شافعاً أو سائلاً حاجة من حوائج الدنيا، فيجبر بها خاطر من يأتيه ويؤنس بها وحشته. وقد وجدتها مناسبة لتسلية صديق وتشجيعه، وإنه مأجور ومتبع وليس بمبتدع، وللتعليق على ما أفضى به لي حيث أخبرني أنه كثيراً ما يواجه الحرج والحيرة والعجز في بعض الأحيان، عندما يقصده بعض الأشخاص والأسر ممن هم في حاجة للعون والمساعدة؛ لسداد فاتورة كهرباء أو طلب المساعدة لشراء دواء أو مستلزمات مدرسية، أو المساهمة في سداد دين. وهو حينما يعجز عن المساهمة يتجه لنقل الحالة وعرضها للجمعيات الخيرية أو من يظن فيه الخير من أصدقائه ومعارفه، ممن يتوسم فيهم القدرة على المساهمة في رفع وتخفيف المعاناة لمن يطلبها، بعد تأكده من أن صاحب الحاجة بالفعل مستحق، وهو يحاول ألا يكون سلبياً فينهر السائل فيأثم، بل يحرص على جبر خاطره لينال الثواب حتى لو لم يتحقق شيء. وأحسب أن التفاعل مع مثل هذه الحالات التي تمر بكثير منا في رأيي مما يساعد في استقرار المجتمع وأمنه وحل مشاكله وصلاح أفراده، خصوصاً إذا تم وفق الضوابط الموضوعة من قبل الجهات المختصة حتى لا تستغل. وأكثر ما يؤلم الصديق ويفت في عضده حسب قوله عندما يتوجه بالحالة إلى العنوان الغلط، حيث يقابل بالجفاء أحياناً أو السخرية، والتأكيد بأنه لا داعي لمناقشة مثل هذه الأمور والتنغيص على الحضور بمشاكل الناس. ولأن بعضاً ممن تعرض عليه الحالة يَعِد وينجز فوراً أو يتمنى المساهمة والبعض الآخر يَعِد فيعيش السائل على أمل أن حاجته مقضية، ويكثر الترداد على صاحبنا لإنجاز ما وعد. ولأنه لا يعرف أن من طلب شفاعته حريص ولكنه مرتبطٌ بطرف لم يحالفه التوفيق، ومواعيده مواعيد عرقوب لأخاه، وذلك عيب ونقص في حقه، ويجعله آثماً لخلفه الوعد، وحينها يكون الاعتذار لصاحب الحاجة محرجاً للذي لا يصدق مهما قيل له. ولما كانت حاجات أفراد المجتمع متنوعة ومتعددة والتزامات أفراده كبيرة خصوصاً في ظل متطلبات الحياة العصرية كان لِزاماً أن يكون هناك مشاركة وتعاون لسداد الثغرات والمساندة، فالدولة أيدها الله لها الدور الكبير في تلبية احتياجات المواطن، بيد أن هناك حاجات طارئة للمواطن لابد من تلبيتها في الأعياد وعند بدء الدراسة، والديون التي بموجبها تعلق خدمات المواطنين كضمانة لسداد مستحقات الدائنين. ولذلك أجدني مدعواً لطرح بعض الأفكار للمساهمة في حل المشكلة أضعها أمام المعنيين للدراسة والتقييم تتمثل في الآتي: أولاً – تفعيل دور مجالس الأحياء والتي كان لي دور في اقتراح تأسيسها من خلال ما رفعته إبان عملي كمدير شرطة للعاصمة المقدسة، للجهات المختصة. ثانياً – تقوم مجالس الأحياء المكونة من متطوعين في الحي بدراسة الحالات التي تصلها وتبت فيها سريعاً، وتقوم برفعها للجمعيات الخيرية. ثالثاً – تنظر الجمعيات فيما يصلها من توصيات موثقة وتبت في الأمر بما لديها من إمكانيات أو رفعها لمنصة إحسان. التي بعد تحققها تقوم بالمعالجة. وحسب ما بلغني من بعض المدينين أن المنصة بطيئة في الاستجابة بسبب ما تعانيه من طلبات. رابعاً – لأن الأمر يتطلب تمويلاً أقترح الآتي: أ – إنشاء حساب لقبول التبرعات، أياً كان المبلغ يتم التحويل له من عملاء المحلات التجارية كالمطاعم والفنادق والبقالات. ب – يتم التمييز بين نوع التبرع، هل هو زكوي أم صدقة والجهة المستفيدة. ج – لأن بعضاً من أصحاب الحوائج هم من موظفي الدولة، عسكريين ومدنيين، فيخصص لكل إدارة حساب يذهب ريعه لسد حاجات منسوبي الإدارة، من خلال لجان يسند إليها مهمة التوزيع، يتم تمويله من تبرعات منسوبيها. د – لا شيء يمنع تمويل هذه الصناديق من البنوك والشركات وغيرها، وحقيقة فإن ما أشرت إليه مجرد أفكار أطرحها أمام الجهات المعنية لدراستها والأخذ بما هو مناسب وتتحقق منه منفعة. والله من وراء القصد.