لم تعد أرصفة البحر فقط مكانا مفضلا للتنزه والهروب من ضجيج الحياة وهمومها، بل استراحة لأصحاب المهن الشاقة والمتعبين الذين يطلقون العنان لسلطان نومهم هناك دون سابق ترتيب أو تجهيز، إذ يكفيهم فقط مكان ظليل ونسمة عليلة.. بعضهم تكفيه غفوة صغيرة ليستعيد نشاطه، وآخرون يستسلمون تماما لنوبة نوم قد تمتد ساعات غير عابئين بمن حولهم من أناس أو ضجيج. كثير من سائقي حافلات خط البلدة في جدة أو العمال الجائلين في الشوارع يضطرون إلى استقطاع بعض الوقت من أجل غفوات إجبارية تعينهم على مواصلة عملهم، فنسمات الهواء العليل التي تهب من البحر تمنح الجو بعض اللطف ما يساعد الأجسام المتعبة على الاسترخاء السريع. على كورنيش جدة وقرب أحد المجسمات الجمالية استسلم أحدهم لغفوة تحت ظل مجسم جمالي عملاق هربا من حرارة الجو. ورغم أن جوانب المجسم صلبة وظله خفيف لكن يبدو أن الرجل غرق تماما في النوم.. بعض المارة حاولوا إيقاظه بمناداته وتنبيهه على عدم النوم في مثل هذه الأماكن لكن الرجل كان في عالم آخر. وفي جانب آخر من كورنيش البحر وعند نحو العاشرة صباحا أوقف سائق حافلته على أحد الممرات الجانبية وافترش مرتبة صغيرة على الرصيف وألقى عليها جسده المنهك واستسلم سريعا للنوم. ورغم مرور عدد من السيارات قريبا منه إلا أن الرجل ظل مستغرقا في النوم لمدة تجاوزت الثلاث ساعات ليستيقظ بعدها وينطلق من جديد لنقل الركاب بين أحياء جدة. وعلى جانب آخر أوقفت مجموعة من الشباب سياراتهم تحت جسر صغير وأخذوا يتخيرون موقعا مناسبا بعيدا قليلا من الشارع للنوم. علي الجيزاني سائق حافلة لنقل الركاب قال ل«شمس» إنه لا توجد مشكلة في أن يأخذ السائق أو العامل وقتا مستقطعا للنوم شريطة أن يكون في موقع هادئ، وألا يؤثر نومه في الآخرين، مشيرا إلى أن البحر هو المكان المفضل في الصباح والظهيرة؛ حيث إن نسيم البحر يقلل من موجات حر الصيف، كما أن تلك الأوقات تكون في العادة هادئة وقليلة الازدحام. أما سالم جابر «عامل تحميل يمني» فأشار إلى أنه يستغل وقت الاستراحة الممنوح له ظهرا وهو ساعتان لأخذ قيلولة قصيرة على شاطئ البحر بحكم أن الوقت لا يسعفه للذهاب إلى منزله. وأضاف أنه أحيانا لا يقصد النوم بل مجرد الاسترخاء، لكنه لا يشعر بنفسه إلا والنعاس يغالبه فلا يجد مفرا من الاستسلام له. مشيرا إلى أنه في إحدى المرات استغرق في النوم وتجاوز ساعتي الراحة الممنوحتين له بكثير، فأجواء الشاطئ في بعض أوقات السنة تكون مشجعة على النوم.