أصوات الرصاص لم تتوقف. البلطجية يجولون الشوارع لمنع الناخبين من الوصول إلى مراكز الاقتراع التي طوقتها قوات الأمن. قتيل يسقط في منتصف النهار وعشرات الجرحى يُنقلون إلى مستشفى بلطيم المركزي، فيما لا تتوقف الإشاعات عن سقوط قتلى جدد. هكذا كان المشهد في دائرة الحامول والبرلس في محافظة كفر الشيخ التي جرت فيها الانتخابات البرلمانية أمس. تحولت القرية إلى ساحة معركة بين مؤيدي مرشح الحزب"الوطني"الحاكم علي عبدالمنعم، وأنصار النائب الناصري حمدين صباحي الذي يزعج أداؤه البرلماني الحكومة كثيراً. القتيل اسمه جمعة الزفتاوي، وسقط أمام مدرسة جمال عبدالناصر مصاباً بطلق ناري في رقبته، بعدما أطلقت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع والرصاص على الناخبين لتفريقهم. وتكرر المشهد نفسه أمام لجان الدائرة كلها، خصوصاً في معقل صباحي حيث أصيب عشرات في اشتباكات مع الأمن. أعادت المصادمات العنيفة التي لم تتوقف طيلة يوم أمس، انتخابات العام 1995 إلى أذهان قاطني الحامول. وقتها، حاصرت الشرطة الدائرة بالعربات المدرعة في انتخابات الإعادة، بعدما فوجئت بتقدم صباحي على مرشح"الوطني"في الجولة الأولى. وانتهى اليوم الانتخابي الدامي بمقتل سيدتين وإصابة عشرات. وقال أحد الناخبين ل"الحياة"أمس:"في انتخابات 2000 فعلوا الشيء نفسه، لكنهم لم يتمكنوا من هزيمتنا... لن نسمح لهم بالتزوير هذه المرة". وعلى رغم أن أعمال العنف خلال المرحلتين الماضيتين اقتصرت على الدوائر التي طرحت فيها جماعة"الإخوان المسلمين"مرشحين لها، فإنها انتقلت هذه المرة إلى دائرة صباحي الذي قد يكون أكثر إزعاجاً للحكومة من أي من نواب"الإخوان". فالرجل كان بالمرصاد لغالبية مشاريع القوانين التي قدمتها الحكومة للبرلمان، ما دفع الأمن إلى اعتقاله متجاهلاً حصانته البرلمانية. وصباحي هو صحافي من جيل الوسط في الحياة السياسية المصرية، كان ينتمي إلى الحزب الناصري قبل أن ينشق عليه ليتقدم بأوراق تأسيس حزب"الكرامة العربية"الذي رفضته لجنة شؤون الأحزاب في مجلس الشورى ثلاث مرات. وهو شكا قبل أيام من"حرب علنية"تضمنت تخويف أنصاره وإزالة ملصقاته الدعائية واستغلال إمكانات الدولة في الدعاية لمرشح الوطني والتضييق على مؤيديه. وقال ان الحملة ضده تحولت إلى"حرب فعلية"مع اعتقال مندوبيه وطردهم من مراكز الاقتراع.