أعرب رئيس الوزراء التركي بولند اجاويد عن اعتقاده أن القرارات الاقتصادية التي اتخذتها حكومته ومن بينها تعويم الليرة التركية، تساهم في عودة الاستقرار الاقتصادي الى البلاد وتدعم مجالي السياحة والتجارة الخارجية، ولن تؤذي المواطن أو ترفع من معدل التضخم، مؤكداً استمرار الحكومة في تنفيذ اصلاحاتها الاقتصادية التي اتفقت عليها مع صندوق النقد الدولي ضمن خطة لدعم الاقتصاد التركي. وعلى رغم ذلك، واجه أجاويد انتقادات لاذعة من زعماء المعارضة اذ اتهمته زعيمة حزب الطريق القويم تانسو تشيلر بالفشل، وحملته مسؤولية "انهيار الاقتصاد التركي"، فيما ذكر زعيم حزب الفضيلة رجائي قطان ان اجاويد يتخبط، من دون ان يعرف ماذا يفعل، و"يكذب وحكومته على المواطنين". وفي المقابل، انهالت رسائل الدعم والتأييد من المواطنين على القصر الجمهوري، اذ تلقى الرئيس أحمد نجدت سيزر أكثر من 15 الف فاكس و20 الف رسالة بريد الكتروني، تؤيد موقفه من الخلاف الذي انفجر بينه وبين اجاويد خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الاثنين الماضي، ما تسبب في وقوع الأزمة الاقتصادية بعد رواج اشاعات عن احتمالات استقالة الحكومة، نفاها اجاويد لاحقاً. ووصفت بعض هذه الرسائل سيزر ب "قيصر تركيا" لشجاعته على مواجهة العسكر سابقاً والحكومة حالياً، بحزم وثبات من اجل تطبيق القانون على الجميع ومنع أي تجاوزات. وشبهت رسائل اخرى سيزر بالصحابي عُمر في عدله وانصافه وتواضعه. وذكرت صحيفة "مليّت" الواسعة الانتشار ان آخر استطلاع للرأي يؤكد ان 80 في المئة من المواطنين يقفون الى جانب سيزر ويضعون اللوم في ما حصل على رئيس الوزراء. ويذكر ان سيزر هو الرئيس الوحيد الذي حصل على نسبة 95 في المئة من أصوات المواطنين في استطلاع عن ثقة المواطن بالسياسيين وأجهزة الدولة، متخطياً بذلك ولأول مرة، النسبة التي يحصل عليها الجيش. وكان سيزر بدأ بكسب ثقة الاتراك منذ اليوم الأول لتوليه الحكم من خلال تصرفاته المتواضعة والتزامه قوانين المرور ووقوفه على الضوء الأحمر وانتظار دوره في صفوف المرضى في المستشفيات الحكومية وخفضه مصاريف القصر الجمهوري الى النصف، مقارنة بموازنة الرئيس السابق سليمان ديميريل. ووضع بتصرفاته تلك كثيراً من السياسيين الأتراك في مواقف محرجة عندما تساءلت وسائل الاعلام المحلية: لماذا لا يتخذ بقية السياسيين سيزر قدوة لهم؟ ومع تأييد المواطنين والاعلام لسياسات وقرارات الرئيس بدأ يتكون في تركيا تدريجياً لوبي سياسي واجتماعي ينادي بأن الطريق الوحيد لخلاص تركيا من مشكلاتها السياسية والاقتصادية، اعادة صياغة دستور جديد وقانون جديد للأحزاب يستشف مبادئه من سيزر. وفي المقابل فإن استطلاعات الرأي تشير الى تراجع شعبية رئيس الوزراء الذي لم يخطر بباله يوماً ان يقع في تصادم سياسي مع سيزر الذي كان وراء ترشيحه لتولي منصب رئيس الجمهورية مراهناً على ان الاخير لا يتمتع بخبرة سياسية ولن يتدخل في شؤون الحكم. الا ان اجاويد يبدو وانه قد خسر الرهان وخسر سمعته اذ كان يعرف بأنه السياسي النزيه الوحيد في تركيا، وبطل حرب قبرص. لكنه الآن وبعد دفاعه المستميت عن حكومته التي بدأ ينكشف الستار عن الفاسدين فيها وهم كثيرون، عاد اجاويد الى صورة السياسي الذي وضع تركيا على حافة ازمات اقتصادية قاتلة في السبعينات ولا يبدو انه سينقذ سمعته هذه حالياً مع ازدياد الأوضاع الاقتصادية سوءاً وتدهور حاله الصحية.