كان نشر خطة المرور في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة في الحج من الأعمال الصحفية التي تتابعها الصحف، وتعد عملاً صحفيًا مميزًا. كان ذلك في حج 1404ه عندما كنت مسؤولاً عن مكتب جريدة الرياض في مكة، حيث تواصلت مع الفريق محمد بن رجا الحربي رحمه الله، وكان مديرًا عامًا للمرور وقائدًا لقوات أمن الحج، وبعلاقتي القديمة معه استطعت أن أقنعه بتسليمي خطة السير في الحج لمكة والمشاعر بوعد عدم نشرها إلا بعد توقيع الأمير نايف وزير الداخلية ورئيس لجنة الحج العليا رحمه الله، وذلك قبل اجتماع الأمير بقادة الحج في مكتبه بجدة. إلا أن رغبتي في الانفراد بنشر الخطة جعلتني أرسلها للجريدة في الرياض عبر الفاكس صباح يوم الاجتماع لتنشر على صفحتين في اليوم الثاني، وكان العنوان في الصفحة الأولى: بعد توقيعها من وزير الداخلية (الرياض تنشر خطة السير في مكة والمشاعر)، ولأن الطبعة الأولى تُطبع حوالي التاسعة مساءً، ويتم إرسالها للمطار للمنطقة الغربية والمناطق البعيدة، فقد كانت الصحيفة في جدة قبل الساعة 11 مساءً. تواصلت مع الفريق هاتفيًا، وقال إن الخطة أمام الأمير وبدأ الاجتماع، لكن هناك أمور أخرى وننتظر عرض الخطة عليه، وبدأ القلق والخوف من أن يؤجل الأمير توقيع الخطة وتوزع الجريدة بأنه اطلع عليها بل ووافق عليها بتوقيعه. هيأت نفسي لأي تصرف من الداخلية خاصة وأنني كتبت أن الأمير وقعها، وكذا موقفي أمام رئيس التحرير، وسألت الله العون. استمر الاجتماع لما بعد الساعة 12، ووجدت فرصة أخرى للحديث مع الفريق ويجيبني "لم يوقع الأمير للآن"، وقتها شعرت بقلقه هو خاصةً عندما سألني ألم يكن الاتفاق أن يكون النشر بعد توقيع الأمير ؟! وعند قرب الساعة الواحدة جاءت البشرى من ابن رجا "اعتمد الأمير الخطة" وحمدت الله، وتحول التوتر إلى فرحة كبيرة، وأنا أردد "انفردت بنشر الخطة من بين كل الصحف". وأنا أتصفح الرياض بعد الفجر في بيتي واقرأ الصفحة الأولى وتفاصيل الخطة في داخل العدد بالرسم البياني للسير في مكة ويوم عرفة والنفرة منها وأيام منى والنزول إلى مكة بصورة كبيرة للأمير نايف رددت الحمد لله على فضله، وقرب العاشرة صباحًا اتصل بي الفريق وزاد من سروري أن نشر الخطة على هذه المساحة أشعره بالسرور، وقال بأنه سيتم وضعها ضمن الأوراق المرسلة للأمير، وعندما أعاد علي سؤاله وهو يبتسم (لماذا لم ألتزم بالنشر بعد توقيع الأمير؟) قلت له: ومن يضمن لي أن لا توزع بعد التوقيع وتُنشر في صحيفة أخرى؟ إنها لذة الانفراد وأهميته يا معالي الفريق. رحم الله الأمير نايف والفريق محمد بن رجا.