لم تكن قيمة الكتب منوطة بتداولها؛ إذ هو مظهر من مظاهر حضورها، وكلما تقادم زمن الكتب عسر بيان أثر قيمتها العلميّة حينها؛ لذهاب المجايل لها في سياقها. ومن الكتب التي ظهر أثرها، وإن لم يكن تداولها بتلك القوّة، كتاب أفلاطون «محاورة كراتيليوس» عن فلسفة (...)
عندما تتعلم لغة ما، أو يتعلمها الطفل، فإن ارتكاز العملية التعليمية عادة على «اللفظ»، يؤتى لك ب»لفظ»، ثم تفرّع استعمالاته، وفق ما يسمى أحياناً بالخريطة المفاهميميّة، لمحورية اللفظ، لتتمكن من اللغة عبر مدخلها المعجميّ. فالطفل يقدّم له لفظ معيّن متعدد (...)
تقدّم في المقال السابق أثر «الشخصيّة القاعديّة» في توجيه المجتمعات والثقافات، من خلال نموذج الخطاب الثالث، وفق المجال التداولي الإسلاميّ، بحسب سعيد العلويّ. وأن دلالة «المروءة» حصيلة امتزاج بين الشقين العربيّ واليوناني، فصارت برنامجاً لا مجرد سمات. (...)
ظهرت دلالة "الشخصية القاعديّة" في تفاعل بين علميّ الأنثروبولوجيا وعلم النفس، في النصف الأوّل من القرن العشرين، حتى صيغت في مفهوم منهجيّ مع ميد وبنديكت، للربط بين الشخصية والثقافة، عند ملاحظة أنماط شخصية يُسعى إليها (لفظ "يسعى" مهم للتفريق بينها وبين (...)
ظهرت دلالة «الشخصية القاعديّة» في تفاعل بين علميّ الأنثروبولوجيا وعلم النفس، في النصف الأوّل من القرن العشرين، حتى صيغت في مفهوم منهجيّ مع ميد وبنديكت، للربط بين الشخصية والثقافة، عند ملاحظة أنماط شخصية يُسعى إليها (لفظ «يسعى» مهم للتفريق بينها وبين (...)
من العوامل التي رافقت التحديث الأوروبي ظهور الحقل القانوني جامعيّاً، وتدريسه، وارتباطه بالتشكل التاريخي هناك. ومن "الحقل القانوني" نظر "مايكل لشنوف" لأهمّ نظريّة تعيد تشكيل الحياة السياسيّة الغربيّة، والواقع السياسيّ لديهم، ونظّر لها منظّرون كثر، (...)
الأفكار الإنسانيّة تاريخية، ليست نصوصاً إلهيّة مقرِّرة للحقائق، ومفنّدة للباطل، بل هي منتجات بشرية فكريّة، تدخل في ملامحها طبقات من ملامح التفاعل الإنساني؛ تاريخياً، ومكانياً، واجتماعيّاً، وهو تفاعل تشكّله عدّة عوامل تقدّم صوره، بحسب تصوّرات كل (...)
تُعدّ كلمة «التراث» كلمة مُشكلة، أثارت نقاشات وكتابات عدّة؛ وهي تصنيف ضبابي للمعارف الإسلامية، قبل لحظة دخول العلوم الغربيّة وتداولها، فهي كلمة تصنيفية بمعايير غير متفق عليها، فضلاً عن الاتفاق على دلالتها. غير أن استعمالها في هذا المقال للدلالة على (...)
يُجمع عادة بين لحظة سجود الملائكة عليهم السلام لآدم عليه السلام، بصفته أبو البشر، وبين آية التكريم «ولقد كرّمنا بني آدم»، ثم تدمجان مع آية «إنّا عرضنا الأمانة». وهذا الربط هو حالة جمع بين استنباطات ومفهومات لكل آية على حدة، ثم إعادة تشكيل المعنى (...)
في لجّة من تعريفات «فلسفة الدين»، قد تزداد الاضطرابات، وتتأخر أو تعلق أو تتعطّل المنافع، وما يتبعها من مواقف القبول أو التمحيص أو الردّ. فضلاً عن أن هذا المركب اللفظي عند تعريف كل لفظ منه يفضي لسلسلة من الاضطرابات أيضاً. فثمة تعريفات تنظر للتاريخ (...)
من ضمن مقيدات كلمة «المتشابه» في السياق العلمي في علوم القرآن، مقيّدان: المتشابه اللفظي، والمتشابه المعنويّ. أمّا «المتشابه اللفظي» فهو تشابه يهم الحفّاظ لإتقان الحفظ؛ فاهتم به العلماء كثيراً منذ البدايات، كالإمام الكسائي، وما اتصل به من طرائق للضبط (...)
في القرآن الكريم بين اللاتناهي والحظ واللفت والمنّة والتزييف. فصيغة الجمع «أقلام» دلّت على لا تناهي علم الله سبحانه، واستعملت صيغة الجمع لمناسبة كثرة الأقلام، فمهما بلغت لن تتناهى إلى تقصي علم الله سبحانه وتعالى «ولو أنّما في الأرض من شجرة أقلام (...)
رمضان شهر الدعاء (السؤال من الله الكريم سبحانه)، وقد حفظ الناس الآداب، والأدعية المأثورة، وفضله، ومكانته. غير أن هناك مسألة قد ترد على بعضهم، وتوهم بما ظاهره الخير وهو في باطنه خلاف الأمر الإلهي والتوجيه النبويّ، وكل حال قلبي يخالفهما فهو مردود، (...)
يُردُّ أصل كلمة «الناس» إلى «النوس»، والنوس يدلّ على الحركة؛ حركة فيها اضطراب، وكلمة «نَاس الإبل» أي ساقها، و»أنَاسه» أي حرّكه. فكلمة «الناس» في أصلها كلمة دالّة على الحركة لا السكون، والإنسان في أصله كلمة دالة على الأنس لا التوحش إذ يدل الإنسان على (...)
فقه المناسبات يحث الإنسان على انتخاب الأنسب للمناسبة، وشهر رمضان شهر القرآن والصلاة، ومنهما نجمع بين الأصلين: سورة «الفاتحة» هي فاتحة القرآن، والسبع المثاني، وفاتحة الأعمال القولية والفعليّة، فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. فبين سورة «الفاتحة» (...)
ليس تاريخ الإنسان هو حياة الإنسان، بل هو العلامات العامة التي تسمح بتصوير حياته وحكايتها، أما ما عالجه من كثافة حضور، وشعور، وتحولات، وقهر ظروف؛ فقد لا تظهر أبداً، وقد تُستبطن حتى يأتي من يعالج مثلما عالج، أو قريباً منه؛ ليفهم، وقد تصل حياة الإنسان (...)
بعد أن آلت الفتوّة مع الخليفة الناصر العباسي إلى تنظيم عسكري، هو إمامه، وله شعائره، ومن أهمها إلباس السراويل للمنتسبين إليه، فالفتوّة أشبه بتنظيم اجتماعيّ عسكري وخلقي وديني في آن، له فقهاؤه، وأدبياته، وخطابه. كذا انتظم الأمر رغم اختلاف بين اتجاهات (...)
تدلّ «الفتوّة» في الاستعمال العربي المتقدم دلالة مزدوجة تجمع بين أوّل شرخ الشباب، واختيار الشاب (الفتى)، في لحظة بروز نجدين أمامه، بين نجد مسالك الكرام، ونجد مسالك اللئام، وبأشرف النجدين وسِمَت «الفتوّة»؛ فالفتى دلالة خُلقيّة، في أول لحظات تكليف (...)
تُغيّرُ العوامل التاريخية من صيغ وطرق العلم ونقله بين الأجيال. ومع طيّ الأزمنة، وتغيّر العوائد، وتكثّر الاختلافات؛ قد يُفهم أو يقوّم السابق بمنظور اللاحق، دون نظر لشرائط ما سبق. وللاحق سلطة على السابق، كسلطة الأحياء على الأموات، لتحكّم الفعالية (...)
يبرز «محمد مفتاح» رؤيتين للعالم، رؤية الانفصال، وهي رؤية ذريّة لمكونات العالم، تنظر إليه نظراً ذرياً، ومن ثم تعدل إلى التصنيف والتحديد، ومنهجها تحليلي فتركيبي، واللغة فيها عاكسة للمجموع من هذه المتفرقات، فلا بدّ لها من انسجام حتى تتحقق الانعكاسية، (...)
تأثرت بعض الدراسات الاستشراقية بحركة "نقد الكتاب المقدّس"، في تعاملها مع الكتب المقدسة، من ضمنها "القرآن الكريم"، مسقطة ما وجدته من طرائق فحص الكتابين المقدسين "التوراة والإنجيل" على "القرآن الكريم"، من حيث الثبوت للتصديق والنفي للضد. دون نظر إلى (...)
في كتابه «جدلية العقل والمدينة» يبرز محمد المصباحي ستة مفكرين (الجابري، أركون، العروي، مروة، الحبابي، نصّار)، يشتركون في دعوتين: العقل (العقلانية)، التاريخ (التاريخانية)، ويختلفون في طرائق إعمالها. للعقل في صلته بالتحقيب التاريخي: عقل تراثي، وعقل (...)
أصل العلوم الإسلامية الأصلية «علم الحديث»، وعنه تفرّعت بقية العلوم، منها «علم التفسير». وقد اعترى «علم الحديث» خلل من جهة الرواية، فنشأ الوضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت مبكّر، وما أصاب الأصل (علم الحديث) أصاب فروعه من باب أولى، وقد ظهر (...)
أصل العلوم الإسلامية الأصلية «علم الحديث»، وعنه تفرّعت بقية العلوم، منها «علم التفسير». وقد اعترى «علم الحديث» خلل من جهة الرواية، فنشأ الوضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت مبكّر، وما أصاب الأصل (علم الحديث) أصاب فروعه من باب أولى، وقد ظهر (...)
كان حضور القصّاص امتداداً لحضورهم في زمن الصحابة رضي الله عنهم، ولم يختلف في أصله عن دلالة الوعظ فيما بين أيدينا من آثار عن زمن الصحابة، ولكن يظهر أن فئة القُصّاص (فئة من المذكّرين) تضخّمت، وضخَّمت جانب القصص، فكانوا يواظبون على القصص والأشعار، التي (...)