وفاة فيصل بن تركي بن سعود الكبير    حين تهمس "الصحة".. عناية واقتدار    ارتفاع قياسي للإنتاج الصناعي    وعد من رينارد: سنتأهل إلى كأس العالم    فهد بن نافل يُعلن سبب عدم قيام الهلال بتعاقدات جديدة    السعودية تطلب استضافة ملحق كأس العالم 2026    420 ألفا عدد المشتغلين في موسم حج 1446ه    د. راشد أباالخيل: وزير الصحة نموذج في التواضع والإنسانية خلال موسم الحج    إسبانيا تحتج على اعتراض سفينة أسطول الحرية    رئيس الهلال: لم نوفق في التوقيع مع بعض اللاعبين قبل «مونديال الأندية»    الأخضر يخسر مواجهة استراليا ويذهب للملحق المؤهل إلى مونديال 2026    قرار إعفاء السعوديين من تأشيرة الدخول للصين يدخل حيز التنفيذ    مغادرة أولى رحلات ضيوف الرحمن عبر مطار جدة    «توكلنا».. حزمة من الخدمات ترافق ضيوف الرحمن    الإحصاء: 35.7 % من إجمالي حجاج الداخل سعوديات    هيئة الأفلام تنضم إلى الرابطة الدولية (IASA)    «دارة الملك عبدالعزيز» تصون ذاكرة الوطن بالرقمنة    حرب الشوارع في لوس أنجلوس.. والمارينز يتأهبون    التكييف الذكي.. راحة للمصلين في المسجد النبوي    «الذهب يستقر».. والأسهم العالمية ترتفع    حالة عمار تودع الحجاج بخدمات نوعية    سعود بن نايف يشيد بجهود منافذ الشرقية في خدمة الحجاج    القيادة تهنئ الرئيس البرتغالي بذكرى اليوم الوطني لبلاده    حجاج فلسطين يشكرون القيادة    من خلال شبكة جيل خامس (5G) مرتكزة إلى الذكاء الاصطناعي "زين السعودية" ترتقي بتجربة ضيوف الرحمن الرقمية خلال موسم الحج 1446    حين يزمجر أبي وأمي.. أفقد نفسي    حجاج ذوي الشهداء والمصابين من القوات اليمنية يزورون المسجد النبوي    حرس الحدود بالمدينة المنورة ينقذ مواطنًا من الغرق أثناء ممارسة السباحة    من لاس فيجاس.. ألفاريز يتحدى كروفورد في نزال موسم الرياض    استكشاف 98 ألف هكتار لرصد الجراد الصحراوي والجندب الأسود    "الجوازات" تصدر (12,711) قرارًا إداريًا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    من رواد الشعر الشعبي في جازان: علي مغدي البناء    نادي فنون جازان يحتفي بعيد الأضحى ب "مرسم الأطفال"        عطل يضرب خدمات chatGPT حول العالم    حساب المواطن يودع 3 مليارات ريال لمستفيدي دفعة شهر يونيو    دراسة حديثة..القيلولة تزيد من احتمالية الوفاة    إجلاء 21 ألف شخص في كندا بسبب حرائق الغابات    في تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة للمونديال.. أنشيلوتي مطالب بالفوز في ظهوره الأول على الأراضي البرازيلية    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي كبار مسؤولي وزارة الداخلية وقادة القطاعات الأمنية وقوات أمن الحج والقوات المساندة من القطاعات والجهات العسكرية والأمنية    لضمان رحلات عودة آمنة وسهلة لضيوف الرحمن    تطوير 3 ساحات في "مركزية" المدينة لراحة الحجاج    في برقيتين لخادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية: دعم وتوجيهات القيادة الصائبة مكنت الحجاج من أداء المناسك بيسر وسهولة    تجدد الاشتباكات في طرابلس بعد انهيار الهدنة    غروسي: إيران تقترب من صنع القنبلة النووية    حرس الحدود يؤكد: جاهزون لتيسير مغادرة الحجاج عبر المنافذ البرية والبحرية    ضبط 2790 دراجة آلية مخالفة في أسبوع    توزيع هدية خادم الحرمين من المصحف بخمسة منافذ برية    هجمات بالمسيّرات وتحركات ميدانية كثيفة.. معارك ضارية بين الجيش السوداني و«الدعم» في كردفان    تحدٍ على" تيك توك" يقتل مراهقة أمريكية    إدمان العالم الرقمي.. مشكلة تهدد الأطفال    موسم الحج يودع الصيف… والعودة بعد 25 عاماً    نائب أمير منطقة مكة يُعلن نجاح حج هذا العام 1446ه    نائب أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح موسم الحج    القيادة تعزي رئيس زامبيا في وفاة الرئيس السابق إدغار شاغوا    متحور جديد ل"كوفيد".. و"الصحة العالمية" تحذر    طريق الهجرة يشهد إطلاق مبادرات جديدة لخدمة الحجاج    أطباق تراثية تعكس هوية جازان الثقافية في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشخصية القاعدية في التوجيه التراثي
نشر في الرياض يوم 09 - 06 - 2025

ظهرت دلالة «الشخصية القاعديّة» في تفاعل بين علميّ الأنثروبولوجيا وعلم النفس، في النصف الأوّل من القرن العشرين، حتى صيغت في مفهوم منهجيّ مع ميد وبنديكت، للربط بين الشخصية والثقافة، عند ملاحظة أنماط شخصية يُسعى إليها (لفظ «يسعى» مهم للتفريق بينها وبين الأنماط الشخصية الظاهرة في المجتمع لعدّة عوامل أخرى)، وفق بنية نفسية مشتركة بين أفراد الثقافة، تعين على تنشئتهم لتمثيل هذه الشخصية القاعديّة (أي هي هدف التشكّل التربويّ). فنتيجة لتطورات في فهم الثقافة أنثروبولوجياً ونفسياً؛ طوّر هذا المفهوم الإجرائيّ؛ عندما توجّه الثقافة الإنسان نحو «شخصيّة» بسمات محددة، تصبح هي هدفه التربويّ، لتمثيل هذه الثقافة التي ينتمي إليها، وإن غاب عينها، وتمكن من تعزيز مؤسسات المجتمع بحسب ما يهيمن على الثقافات. ف»الشخصية القاعدية» موجّه يربط بين الثقافة والفرد، وبكشفها يمكن أن يُكشف عن التحرّك الاجتماعي النفسيّ الكامن، نحو الصورة التي يريد الإنسان أن يكون إياها، في كل عصر.
وفي الأزمنة الإسلامية المتعددة، ومهما قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم قدوة المسلمين، إلا أن لكل عصر شخصية قاعديّة، تؤثر فيها البيئة المختلفة عن بيئة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الشخصية تأخذ بدورها الشكل الموجّه بالسمات، وما يصاحبها من أدبيات وأشعار وقصص تمثّل الأبطال، وتمثّل ما يتشوف إليه المرء، وإن لم يذكر عينه، أو خليط أعيان متعددة. ويبقى المعيّن المصرّح به غالباً هو النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان الاقتداء به جزئياً عند التحقيق، بحسب موجّهات كل زمن وبيئة، لأن الشخصية القاعدية اتخذت لها في الوجدان الثقافي مكانة عمليّة لا مجرد محبّة قلبيّة.
وقد وظّف د. سعيد بنسعيد العلوي هذه الدلالة للإبانة عن تشكلات قيمة «العمل» في المجال التداوليّ الإسلاميّ، وتوضيح دلالة «الشخصيّة القاعديّة» المُشَكِّلة للخطابات الإسلاميّة المتنوّعة، وفق نموذج انتخبه؛ لأنهم في مجتمع واحد تحت نسق فكريّ واحد، يوجّه بقيم واحدة، فيشتركون في بنية ذهنية معيّنة، وأنماط سكيولوجيّة خاصّة. واختار لذلك ما بعد القرن الثالث الهجري، في اجتماع بين الخطاب العربي الإسلامي والخطاب اليونانيّ، تحت الخطاب الثالث الجامع بينهما، وتحديداً تشكّل «الخطاب الأشعريّ». فشكّل الخطاب وتشكّل في آن ب»الشخصية القاعديّة» في ذلك العصر، وهي المتمثلة في شخص العالِم بسمته الخُلقيّ من فضيلة ومروءة، وانفتاح على العلوم، جمعاً بين العلم والعمل، أي بين أسمى العقل النظريّ وأسمى العقل العمليّ، في مزج بين «المثل الأعلى» من الفضاء العربيّ من وسط الجزيرة، و»النموذج اليونانيّ» المتسم بمزج حِكم القدماء من يونان وفُرس وهند. وهذه الشخصيّة القاعديّة «النموذج» في هذا الفضاء الكلاسيكيّ مؤطّرة بقاعدة أصليّة في المجال التداوليّ «العلم النافع»، وهو العلم الذي تحته عمل، فقيمة النموذج بالعلم المعمول به، لا مجرّد الاستزادة من العلم إشباعاً لرغبة الذات من التلذذ بالعلم.
وفي المجال الأشعريّ تحديداً، وضع نموذج الشخصيّة الأشعريّة الممثلة للشخصية القاعدية في المجال الخُلقيّ، من كتاب الإمام الماوردي «أدب الدنيا والدين»، عادّاً مفهوم «المروءة» مفهوماً مكثّفاً، يختزل هذه الشخصيّة النموذجيّة للإمام الأشعريّ الجامع بين فضائل العقل والخُلق، «والتماسنا لمعنى المروءة هو تعيين لدلالة الخطاب الأخلاقي الأشعريّ واستنطاق لمضمراته وسكوته» .
فالمروءة مفهوم جامع لمكارم الأخلاق من جانب شقّها العربيّ؛ فهي تلمّس أحسن شيء من كل شيء، فمن الألفاظ تخيّر أحسنه، ومن التسميات تسمية بالأحسن، ومع الأهل والدواب تعامل بالرفق، ومن سائر الأعمال اجتناب ما يشين والعمل بما يزين. ولكنها عند مداخلتها الفضاء اليونانيّ للمزج بين الشخصيّة «المثل الأعلى العربيّ» و»النموذج اليونانيّ الحكيم» فهي برنامج كامل يعدّه الماورديّ في كتابه، فليست مجرّد سمات كما كانت عند العربيّ الذي نزل القرآن في بيئته.
وفي المقال القادم -إن شاء الله- تتمة لكيفية التوظيف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.