تعدّ موافقة مجلس الوزراء الموقّر على إدراج محميتي الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة البحريتين ضمن قائمة المحميات الوطنية في المملكة العربية السعودية خطوة نوعية تعبّر عن الرؤية العميقة للقيادة الرشيدة، حفظها الله، في صون البيئة والحفاظ على التنوع الأحيائي، وتجسّد التزام المملكة المتنامي بحماية مواردها الطبيعية وضمان استدامتها للأجيال القادمة. تجسد هذه الخطوة امتداداً لمسيرةٍ وطنيةٍ راسخةٍ في حماية البيئة وصون مواردها الطبيعية، تقودها مبادرات نوعية مثل "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، اللتين تمثلان إطارًا استراتيجيًا لتوحيد الجهود الوطنية نحو خفض الانبعاثات وزيادة نسبة المناطق المحمية إلى 30% من مساحة المملكة البرية والبحرية، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية تحقيق التوازن البيئي. وتؤكد هذه الموافقة رؤية المملكة في جعل المحميات البحرية ركيزةً أساسيةً للتنمية المستدامة، وموردًا علميًا وسياحيًا واقتصاديًا يعزز مكانتها البيئية إقليميًا ودوليًا. تتميّز محميّة الثقوب الزرقاء بكونها من الظواهر الجيولوجية البحرية النادرة عالمياً، إذ تحتوي على أنظمة بيئية عميقة تعدّ ملاذاً لأنواع نادرة من الكائنات الدقيقة والأسماك والشعاب المرجانية التي تسهم في الحفاظ على التوازن البيولوجي للمحيط البحري. أما رأس حاطبة فهي منطقة ساحلية بحرية غنية بالشعاب المرجانية ومروج الأعشاب البحرية، تعدّ موئلاً رئيساً للأنواع المحلية والمهاجرة، وتؤدي دوراً محورياً في دعم الأمن الغذائي عبر حماية المخزون السمكي وتنمية الثروات البحرية. يأتي هذا القرار ليعزّز مكانة المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية بوصفه الجهة المسؤولة عن تخطيط وإدارة المحميات الوطنية، حيث يعمل المركز وفق أحدث النماذج العلمية في الرصد والمتابعة، ويسهم في بناء قواعد بيانات دقيقة عن التنوع الأحيائي في المملكة. كما يشرك المركز المجتمع المحلي في جهود الحماية من خلال حملات توعية وبرامج تعليمية ترسّخ مفهوم الشراكة البيئية بين الأفراد والمؤسسات. ولا تقتصر أهمية القرار على البعد البيئي فحسب، بل تمتد إلى أبعاد اقتصادية وسياحية ومعرفية، إذ تتيح هذه المحميات فرصاً للبحث العلمي، وتجذب المهتمين بالغوص البيئي والسياحة المستدامة، وتسهم في دعم الاقتصاد الأزرق الذي بات من ركائز التنمية الحديثة في العالم. كما تفتح الباب أمام تعاون علمي دولي يعزز حضور المملكة في المنصات البيئية العالمية. إن إدراج محميتي الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة ضمن قائمة المحميات الوطنية، يمثل إعلاناً جديداً عن الريادة البيئية السعودية، ويؤكد أن المملكة تمضي بثقة نحو مستقبل أكثر توازناً بين الإنسان والطبيعة، مستنيرة برؤية 2030 التي جعلت من البيئة والاستدامة محوراً أساسياً في بناء اقتصاد مزدهر ومجتمع حيويّ ووطن طموح.