مصير مجهول للمرحلة التالية من حرب روسيا وأوكرانيا    جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة السادسة    جمال الورد    99 % انتشار الإنترنت في المملكة    الأمير مقرن بن عبدالعزيز يرعى حفل خريجي جامعة الأمير مقرن    سقوط الجدار الإعلامي المزيف    لاعبو الأندية الإيطالية خارج القائمة.. ولاعبو «البريمير ليغ» الأكثر حضوراً    الاتفاق والنصر إلى المباراة النهائية لممتاز قدم الصالات    الاتحاد يتغلّب على الهلال وينتزع ذهب نخبة الطائرة    ذكاء التوقيت والضمير العاطل    المركز الوطني للمناهج    مؤقت عالمي    ب 10 طعنات.. مصري ينهي حياة خطيبته ويحاول الانتحار    رَحِيلُ البَدْرِ    انكسار الهوية في شعر المُهاجرين    المقاهي الثقافية.. والمواهب المخبوءة    مفوض الإفتاء في جازان يشيد بجهود جمعية غيث الصحية    «البعوض» الفتاك    أمانة الطائف تسجل لملّاك المباني بالطرق المستهدفة لإصدار شهادة "امتثال"    أولمبياكوس يهزم أستون فيلا ويبلغ نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    تعزيز الاستدامة وتحولات الطاقة في المملكة    الحياة في السودان مؤلمة وصادمة    أمير منطقة جازان يلتقي عدداً من ملاك الإبل من مختلف مناطق المملكة ويطّلع على الجهود المبذولة للتعريف بالإبل    رئيس المجلس العسكري في تشاد محمد إدريس ديبي إتنو يفوز بالانتخابات الرئاسية    رئيس جامعة جازان المكلف ⁧يستقبل مدير عام الإفتاء بالمنطقة    ليفركوزن يسقط روما ويتأهل لنهائي الدوري الأوروبي    أسماء القصيّر.. رحلة من التميز في العلاج النفسي    كيف نتصرف بإيجابية وقت الأزمة؟    بلدية صبيا تنفذ مبادرة لرصد التشوهات البصرية    قُمري شلّ ولدنا    للرأي مكانة    النصر يتغلب على الأخدود بثلاثية ويحكم القبضة على الوصافة    رونالدو يحفز النصراوية بعد الفوز على الأخدود    رسالة من أستاذي الشريف فؤاد عنقاوي    حقوق الإنسان في القاموس الأمريكي    شركة ملاهي توقّع اتفاقية تعاون مع روشن العقارية ضمن المعرض السعودي للترفيه والتسلية    دلعيه عشان يدلعك !    وزير النقل: 500 ريال قيمة التذكرة بين الرياض وجدة.. ولا نتدخل في أسعار «الدولية»    تجنب قضايا المقاولات    مكان يسمح فيه باقتراف كل الجرائم    تدشين مشروعات تنموية بالمجمعة    "تاسي" ينهي تداولات الأسبوع على تراجع 1.4%    الملك وولي العهد يعزيان رئيس الإمارات في وفاة هزاع بن سلطان بن زايد آل نهيان    دله البركة توقع عقد إنشاء شركة مع يوروبا بارك لتنمية قطاع الترفيه في المملكة    أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال 15 من طلاب جامعة المجمعة    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من تركيا متجهة إلى المملكة    الجمعية السعودية لطب الأسرة تطلق ندوة "نحو حج صحي وآمن"    نائب أمير عسير يتوّج فريق الدفاع المدني بكأس بطولة أجاوييد 2    مفتي عام المملكة يستقبل نائب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    أمطار رعدية ورياح تؤدي إلى تدني في الرؤية بعدد من المناطق    القيادة تعزي رئيس البرازيل    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    فهيم يحتفل بزواج عبدالله    دجاجة «مدللة» تعيش حياة المرفهين    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر سائحة من الماضي والحاضر في يوم الوطن
نشر في الوطن يوم 22 - 09 - 2022

بينما كنت مستغرقًا في التفكير فيما سأكتب بمناسبة اقتراب يومنا الوطني الثاني والتسعين، إذا لاحت لي فكرة الكتابة عن الحالة التي كنت فيها، وأنا أجلس على مقعد وثير في سيارة مكيّفة في طريقي من جدة إلى القنفدة. تلك الحالة التي كثيرًا ما تتلبّسني في كل مرة أتنقل فيها في ربوع بلادي، خصوصًا تلك التي أعرف ماضيها، وأعرف ما كابده أهلها من شظف العيش، ومشقة الأسفار، وتتمثل تلك الحالة التي تتلبّسني في التفكّر بإعجاب مصحوب بالحمد والثناء على ما وصلنا إليه، ووصلت إليه بلادنا من التقدم والتطور والرقي والرخاء والازدهار، وما ننعم به من الأمن والاطمئنان والراحة في حلِّنا وترحالنا، وغالبًا ما يقودني تفكيري إلى عقد مقارنات بين ماضينا وحاضرنا.
ففي الماضي كان يستغرق السفر من القنفدة إلى جدة حوالي ثلاثة أيام نمضيها متكدّسين على وسائل نقل تفتقر إلى أبسط وسائل السلامة والراحة. كانت تلك الوسائل مركبات شحن كبيرة تحمل المواشي في ذهابها إلى جدة والبضائع في عودتها، والركاب يتكدّسون في طبقة تعلو طبقة المواشي، أو يجلسون فوق البضائع، وبعضها براميل غاز أو بنزين أو ديزل، مع ما في ذلك من مخاطر اشتعالها، وكان الركاب يتراصّون في كلتا الحالتين فوق ظهور المركبات المكشوفة تحت حرارة الشمس، وبرد الليل، وكان كثيرًا ما يقع عراك بينهم بسبب ضيق الأمكنة.
أما الطرق فكانت تمرّ في أودية سحيقة، وعقاب منيعة، ورمال عاتية، وسباخ رخوة. وكانت المركبات كثيرًا ما تغرز عجلاتها في الرمال أو في السِّبَاخ، وكان الركاب يمضون وقتًا ليس بالقصير في الحفر تحت عجلاتها لوضع ما كان يعرف بالصِّيْجَان، وهي صفائح من الحديد لمساعدتها على السير فوقها، وكثيرًا ما كان يدفعها الركاب بالأيدي، فتتسخ ثيابهم وأيديهم، وسائر أبدانهم بالطين والرمال المتطاير.
أما إذا سَالَتْ الأودية، أو تعطّلت السيارة فيمضي الركاب أيامًا كثيرة في حالة مزرية انتظارًا لجفاف الأودية، أو وصول قطع غيار السيارة من جدّه، وقد يصل الانتظار بهم إلى أسبوع أو أكثر. أما ما حول الطرق من الأراضي التي كنا نسير في مناكبها فلا ترى إلا قرى بائسة، بناؤها من القش، وأهلها يمشي معظمهم حفاة، ونصف عارين، وإذا توقفت المركبات في محطّة من محطّات الطريق، خصوصًا تلك التي من محطة الوَسْقَة وشمالاً فإن المسافرين يجلسون على الأرض، وليس تحتهم إلا حصر بالية متقطعة، ويشربون مياهًا ملوثة وغير صافية، ويأكلون أطعمة مختلطة بالرمل. كل هذه الصور وأكثر جالت بخاطري، وتواردت إلى ذهني وأنا خلف مقود مركبتي المكيفة على طريق سريع ومريح بمسارات متعددة يمينًا وشمالاً، وسياجات تحميه من الجانبين، وجسور معلقة حسنة البناء تخدم مفارق الطرق إلى القرى والمدن المجاورة، وبعض تلك الجسور المعلقة بُنيت لمرور الجِمَال من فوقها جيئة وذهابًا إلى مراعيها، اتقاءً لما كانت تحدثه من مآسٍ في أثناء اعتراضها للسيارات واصطدامها بها. وجميع ما حولك من القرى التي كانت بائسة تحوّلت إلى مدن تستهويك عمائرها الجميلة بأدوارها المتعددة، وتصميمها الرائع، وألوانها الأخّاذة، ولا ترى الناس في شوارع مدنهم وقراهم الرحبة المسفلتة إلا من وراء زجاج مركباتهم الفارهة، وثيابهم تتطاير من النظافة وحسن الهندام.
كل ذلك التطّور والتّغيّر والنُّقْلَة التي حصلت لبلادنا وأهلها في بضعة عقود من أول سفرة لي من قريتي في القنفدة إلى مكة وجدة. وما ذلك إلا بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل هذه الوحدة الميمونة التي تحقّقت على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن رحمه الله، ونمت وتعزّزت وترسخت على يد الملوك من أبنائه الذين ساروا على سَنَن والدهم في الحفاظ على هذه الوحدة، ورعايتها وتطويرها، وترسيخها في نفوس الأجيال من أبناء هذا الشعب العظيم الذين أصبحت أرض المملكة كلها من أقصاها إلى أقصاها مستقرًا لهم ومقامًا دون أن يشعروا بأدنى غربة، بل إن كل البلاد بلادهم والأرض أرضهم مهما تباعدت قراهم التي ولدوا فيها، وتناءت أقاليمهم المحلية التي تنتمي إليها تلك القرى.
رحم الله الملك عبد العزيز، ورحم كل من أسهم في صُنْع هذه الوحدة الميمونة، ورحم كل من عمل على تعزيزها وترسيخها من ملوكنا الذين تعاقبوا على إدارة دفّة بلادنا، وقادوا مسيرتها التطويرية حتى وصلت إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز اللذين واصلا ويواصلان المسيرة بهمّة لا تقبل الكلل ولا الملل للارتقاء بالبلاد وأهلها.
حفظ الله قيادتنا الرشيدة، وأعانها وسددها وأيدها بالنصر المبين والعز والتمكين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.