حقيقة تمنيت أن يكون قرار مجلس الوزراء الذي صدر خلال جلسة المجلس المنعقدة الأسبوع الماضي - بتاريخ 18/3/1433ه - حول ظاهرة تراكم العمالة الأجنبية السائبة وظاهرة هروب العاملات والسائقين من كفلائهم .. تمنيت أن يكون نص ذلك القرار أكثر صراحة وأكثر وضوحاً وأكثر تحديداً في المسؤولية .. وذلك قياساً بحجم المشكلة التي أصبحت اليوم تعد من أكبر هموم ومعاناة المجتمع وما تفرزه هذه الظاهرة يوما بعد يوم من مشاكل متتالية في شتى الجوانب الأسرية والاجتماعية والاقتصادية والتجارية .. في جلسة مجلس الوزراء تلك قرر المجلس تعديل نص المادة ( التاسعة والثلاثين ) من نظام العمل ، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51) وتاريخ 23/8/1426ه لتصبح بالنص الآتي (لايجوز - بغير اتباع القواعد والإجراءات النظامية المقرة .. والمتخلفين - أن يترك صاحب العمل عامله لدى الغير ، ولا يجوز للعامل أن يعمل لدى صاحب عمل آخر كما لايجوز لصاحب العمل توظيف عامل غيره ، وتتولى وزارة العمل التفتيش على المنشآت، والتحقيق في المخالفات التي يتم ضبطها من قبل مفتشين ومن ثم إحالتها إلى وزارة الداخلية لتطبيق العقوبات المقررة بشأنها. لايجوز لصاحب العمل أن يترك عامله يعمل لحسابه الخاص، كما لايجوز للعامل أن يعمل لحسابه الخاص، وتتولّى وزارة الداخلية ضبط وإيقاف وترحيل وإيقاع العقوبات على المخالفين من العاملين لحسابهم الخاص (العمالة السائبة) في الشوارع والميادين والمتغيبين عن العمل (الهاربين) وكذلك أصحاب العمل والمشغلين لهؤلاء او المتسترين عليهم والناقلين لهم وكل من له دور في المخالفة وتطبيق العقوبات المقررة) انتهى نص القرار. الكل يدرك ان المتخلفين الذين دخلوا إلى المملكة بطرق غير نظامية .. او الذين يهربون من كفلائهم .. او الذين يتخلفون من حملات الحج والعمرة هؤلاء جميعهم لهم هدف واحد وهو البحث عن الكسب المادي العالي والعمل لحسابهم الخاص ولو كان ذلك بالطرق غير النظامية .. لذلك فهذه قضية وظاهرة حلها بسيط جداً.. وقريب من غير أن تتحمل الجهات المعنية او الدولة ككل أي تكاليف مالية ومن غير أن تبذل الجهات المعنية أي جهود في القبض والنقل والإيقاف والإعاشة والترحيل وما إلى ذلك من جهود ومن إجراءات كثيرة ترهق الجهات المعنية عمليا وماليا.. بل المؤكد أن هذا الحل سيدر مبالغ وإيرادات كبيرة على خزينة الجهات الحكومية المعنية بالقضاء على هذه الظاهرة ويقضي كلياً على ظاهرة التخلف والهروب بأسهل وأيسر طريقة !! الحل يتمثل فقط في معاقبة كل من يشغل أي شخص وهو ليس على كفالته .. في المصانع وفي الشركات وفي المزارع وفي المنازل وفي كل المحلات التجارية هنا سيضطر كل المشغلين سواءً كانوا أفرادا .. أو شركات .. أو مواطنين من طرد ورفض أي شخص خوفاً من العقوبات المالية الصارمة دون القيام بعميلة قبض للمتخلف او المخالف .. عندها سيدرك هذا المتخلف او المخالف أنه لن يجد من يشغله وسيواجه بالرفض من الجميع .. هنا سيدرك جميع هؤلاء المتخلفين والهاربين أن لاعمل لهم إلا بالطرق النظامية !! لذلك الكل سيبقى يعمل بالطرق النظامية .. في نفس الوقت تكون هناك مرونة كبيرة في منح التأشيرات وذلك لتشجيع المواطنين وأصحاب العمل التجاري على الالتزام بالنظام ومساعدتهم في إحلال العمالة النظامية بدلا من غير النظامية في كل المهن والمواقع .. هذا الرأي سبق ان طرحته في هذه الزاوية مع آلية تنفيذه أكثر من مره بعنوان (الحل الوحيد للقضاء على ظاهرة العمالة السائبة) بتاريخ 11/5/2012 م و بعنوان (محمد بن نايف.. أنت لها ) بتاريخ 17/12/2010 م وبعنوان (الحل الوحيد لمشكلة هروب العمالية) بتاريخ 1/5/2009م أما مسألة .. القيام بحملات للقبض والضبط والمطاردة والنقل والتوقيف والترحيل .. والإعاشة.. وما إلى ذلك من جهود فهذه مهام أصبحت اليوم مزعجه ومكلفة جداً وطويلة وشاقة وتحتاج إلى إمكانيات ومبالغ مالية كبيرة في نفس الوقت الذي نجد ان أمام الجهات المعنية حلول متاحة وبسيطة وسهلة يمكن تنفيذها بأقل جهد !! فقط القضية تحتاج إلى جدية .. وتحتاج إلى هيبة .. في القيام بحملات تفتيش مكثفة وصارمة وشاملة على كل من يشغل هؤلاء المخالفين ويسهل لهم ويشجعهم على الهروب ويقدم لهم أعمالا مباشرة ورواتب مغرية ووسائل كسب كبيرة !! المسألة لدينا في هذا الشأن مؤكد أنها فوضى.. والقضاء على هذه الفوضى لن يتحقق الا بحضور الجدية الصارمة في الميدان من اجل معاقبة كل من يشغل او يستعين بأي شخص في أي مهنة من غير موافقة كفيله !! او تشغيل أي شخص متخلف او أي هارب من كفيلة .. والقضاء على ظاهرة العمالية السائبة في الشوارع التي تعمل لحسابها بصورة فوضوية وتدفع مقابلا شهريا او سنويا للكفيل .. والأجمل ان هذا الحل سيقضي كليا على ظاهرة المتاجرة بالتأشيرات في كل المهن !!