لا تزال مأساة أطفال ملاهي المركز التجاري في الرياض تضغط بأحزانها وأوجاعها والتباسات الخلل فيها على أسر صُدمت وسكنها الحزن من خلال ما حدث، ولا تزال الأسئلة مطروحة تنتظر الأجوبة التي لم تأت، وأغلب الظن أنها لن تأتي؟! وإذا أتت فستكون تسويغية تبريرية مرتبكة خالية من أي إشارات صريحة وواضحة وشفافة تقطّب جراح الناس، وتلقي بالمسؤولية على المهمل والمتسبب والعابث بأرواح الأطفال، المستخف بمعنى الطفولة وبراءتها ومحاولاتها في التماهي مع الحياة والفرح كما هي في تصوراتها داخل وجدان وفهم الطفل، وتعيد للمحزونين والمصدومين والموجوعين من أسر الأطفال وأقربائهم ومعارفهم وأصدقائهم ومن يعرفون ومن لا يعرفون نوعاً من الهدوء والاطمئنان، لأن متابعة ومحاسبة ستكون، ولن يكون أحد في منأى عن العقاب حتى ولو كانت جهة حكومية، ومن يتربع على كرسي قيادتها كالدفاع المدني. مرت أيام على الفاجعة التي لاتزال تغرس نصلاً حاداً في مشاعر أسر ودعت أطفالها في الصباح متمنية لهم يوماً دراسياً متميزاً بالتحصيل، ورحلة ترفيهية عامرة بالفرح والمتعة والوقت المتألق بما في لحظاته من غسل لمتاعب ضغوط الدرس والتحصيل، وما يتراكم من سأم وملل بفعل حياة المدينة الشرسة في أكثر تفاصيل إيقاع زمنها، ومع الأيام التي مرت لم نجد جهة مسؤولة ومعنية بادرت بإصدار بيان توضيحي يفنّد ما حدث وأسبابه وتداعياته ويحدد المسؤولية ويحصر بدقة مكامن الإهمال والخلل، وليتحمل - من كان غيابه في المراقبة وتفشي التسيب سبباً رئيساً في الفاجعة - نتائج سوء عمله وإهماله لكي لا نقول تواطؤه "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، وبهذا نعيد الاطمئنان إلى النفوس، والاعتبار للمواطن الذي لا يُسمح بتجاوز أمنه النفسي والحياتي، والعبث والاستهتار بسلامته، وكأنما هو خارج حساباتنا في التخطيط والتنظيم ومنح الرخص للمؤسسات التجارية لكي تعمل وتقدم خدماتها للناس، كما نعزز الثقة لمؤسساتنا ومنشآتنا التجارية عبر منطلقات أن هناك متابعة صارمة لقدرتها على الخدمة، وتوظيف إمكاناتها للأغراض التي وجدت من أجلها باطمئنان لأن الصيانة مستمرة، والتأكد من توفّر شروط السلامة في عملها بشكل حاسم. كنا ننتظر من الدفاع المدني أن يبادر "فوراً" ليضع الحروف تحت النقاط، ويؤشر بالإصبع لمكامن الخلل والتقصير، ويحدد المسؤولية وتبعات الحادث على المقصر أو العابث أو المهمل "تعددت الأوصاف والمستهتر واحد"، أما إذا لم نقرأ أو يخرج المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني ويشخّص الحادثة ويضع الرأي العام في كافة ملابساتها والإجراءات العقابية للمتسبب أو المستهتر بأرواح الأطفال التي ستطاله وتطال منشأته فربما يحرضنا هذا الصمت المريب إلى الإشارة بالاتهام للدفاع المدني نفسه كمؤسسة حكومية عليها أمانة سلامة الناس، وتحصينهم من عبث المؤسسات التجارية، فربما صح ما يقال الآن على استحياء بأن المؤسسة التجارية الترفيهية تعمل بدون ترخيص ولا رقابة. وحتى تكون الكلمة الفصل في هذا سنرفع الصوت من أجل سلامة أطفالنا الأبرياء.